يختلف عن مقدارها لدى سائر الناس الذين يعيشون في تلك المنطقة؟!
وإذا كان كذلك ، فكيف يريد هو أن يدفع خصوص هذا المقدار الذي اتفق عليه هؤلاء ، ولماذا لا يدفع المقدار المتعارف عليه فيما بين سائر الناس؟!.
وإذا كان يريد أن يدفع المقدار المتعارف عليه بين عامة الناس ، فهل كان «صلىاللهعليهوآله» يجهل هذا المقدار؟!. وإذا كان ـ والعياذ بالله ـ يجهل به ، فهل لم يكن أحد من أصحابه ، من سائر أهل المدينة ، وسائر القبائل والأقوام الذين يعيشون فيها وحولها ، يعلم بمقدار الدية؟! حتى يحتاج إلى المسير مع جماعة من أصحابه إلى خصوص بني النضير؟! ..
أم أن المقصود هو إظهار : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يعرف أحكام الشريعة السابقة ـ شريعة اليهود خاصة ـ دون غيرهم من سائر أهل الملل ، فلا بد أن يتفضل عليه اليهود ، ويعلموه مما عندهم ، ويصبح مدينا لهم ، هو وشريعته ، وكل أتباعه من بعده؟
ثم ليثبت من خلال ذلك : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان يعمل بشريعة اليهود وأحكامهم!!
مع أنه «صلىاللهعليهوآله» كان يخالفهم في كل شيء حتى لقد عبروا عن استيائهم من أنه يريد أن لا يدع من أمرهم شيئا إلا خالفهم فيه (١).
لا ندري .. ولعل الفطن الذكي يدري ..
فإنا لله وإنا إليه راجعون .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
__________________
(١) راجع حول إصرار النبي «صلىاللهعليهوآله» على مخالفة اليهود : الجزء الخامس من هذا الكتاب ص ١٩٦.