ذلك يتمثّل في رفض معاوية بن أبي سفيان الاعتراض على موقف مسلمة بعد إقصائه عقبة عن ولايته في ٥٢ هجري (١).
غير أن احترام حقوق أمير مصر لم يكن ليمنع الخليفة من التدخل مباشرة في شؤون إفريقية سواء عند حصول فراغ في السلطة في الفسطاط (بالتحديد في الحالة الأخيرة التي تمّ عرضها) أو في طور تقهقر الحملات كما حصل سنة ٧٨ هجري عند ما تلقى حسّان تسمية مباشرة من قبل عبد الملك بالذات (٢). إن تدخل الخلافة في هذه الحالة كان بدافع فوق العادة فليس هناك حاجة لتفسير ذلك بوجود صراع بين الخليفة ووالي الفسطاط في تسيير شؤون إفريقية على غرار ما فعل مؤنس (٣). أما في الأحوال العادية فما دام الفتح لم يتمّ ومصر محمولة على توفير المال والجند فلا يجدر أن تنتفي مراقبة والي مصر لإفريقية.
لقد أكّد عبد العزيز بن مروان والي مصر بداية من سنة ٦٥ / ٦٨٤ علاقات التبعية وحاول تمديد هذا التقليد في وقت تراجعت فيه الجهود الأساسية للفتح. وعند عودته إلى المشرق في ٨٣ هجري قدّم حسّان قدرا من الهدايا لوالي مصر لكن هذا الأخير استولى على جملة العبيد والخيول. وتذكر بعض الروايات أن حسّان أخفى الذهب والحجارة الكريمة المرصودة للخليفة في جرار الماء للكشف عنها أمام أمير المؤمنين (٤).
__________________
(١) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٢) ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ٤٤ ؛ الكندي ، ولاة ، م. س ، ص ٧٤.
(٣) ح. مؤنس ، فتح العرب ، م. س ، ص ص ٢٧١ ـ ٢٧٢. نختلف مع مؤنس لا سيما في الرأي الموالي للمؤلف حيث يقول : «لم يصبح المغرب مستقلا عن مصر بصفة رسمية سوى بعد وقت وجيز انتهى بتعيين معاوية بن أبي سفيان لمعاوية بن حديج لقيادة الفتوحات. منذ ذلك الوقت ، يعتبر الخلفاء المغرب ولاية تابعة مباشرة لسلطتهم ، ولهذا السبب فهم يعتبرون كل تدخل لحكام مصر في شؤون المغرب تعدّ غير قانوني». إن كل تحليلنا يصب في نقيض ما يراه مؤنس تماما.
(٤) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ٢٧٢ ، ينقل روايتين ، واحدة تقبل بأن الغنائم كانت تصل لعبد الملك ، والثانية تقول باستحواذ عبد العزيز على مجمل الحصيلة ؛ ابن