المهاجر نفسه في الحديد ؛ ثم بعد أن جعل زهير بن قيس البلوي مكانه على القيروان ، اتّجه نحو الغرب على رأس ٠٠٠ ، ٥ رجل.
وقد قيل لنا إنه كان مصحوبا بأبي المهاجر المقيّد دائما. وكذلك بقائد أوربة كسيلة بن لمزم ، الذي كان يخشى منه أن يقوم ضدّه بعمل موحّد.
وبوصوله إلى منطقة جبال الأوراس ، أقام حصارا على باغاي ، ثم على لمبازييس Lambese ولكن دون جدوى ، لأن الجيش البيزنطي كان في كل مرة يبدأ المعركة أمام المدينة ، وعند انهزامه يتراجع ، ولكن ليس دون أن يلحق خسائر فادحة بصفوف العرب. وتزايدت المصاعب التي اعترضت عقبة في بلاد الزاب ، وهي بلاد بربرية دون منازع ، أحكمت أوربة قبضتها عليها ، ونلاحظ هنا تواطؤا بين البيزنطيّين والبربر الذي لا يمكن إلّا أن يدعمه انتماؤهم المشترك إلى المسيحية. ويمكن أن يكون قد قام بمعارك عنيفة أمام أذنة المدينة البربرية الموجودة في الزاب ، دون أن ينجح في اقتحامها ، فقام فيها بعدّة مجازر وجمّع غنيمة عظيمة من الخيول ، غير أن عناصر موريطانية كانت قد فرّت إلى الجبال وهدّدت بأن تتجمّع ثانية بطريقة خطيرة. وبدفعه إلى الأمام أكثر في اتّجاه المغرب الأوسط لقي ، في مستوى تاهرت ، مقاومة مماثلة جمعت بين البربر والبيزنطيّين. يبدو خطّ السّير الذي نسب إليه بعد ذلك من قبيل الأسطورة ، إذ إنه عسكر أمام طنجة والتقى ببطريقها يوليان ، ثم من هنا نزل في اتجاه السّوس الأدنى ، ثم اتجه في مرحلة أخيرة إلى السوس الأقصى وهو بلد قبائل معهودة التي أسر منها عددا كبيرا من النساء. وفي هذا المستوى يختلط العجيب بالملحمي وبالرّمزي.
إنه المحيط الأطلسي وحده الذي كبح جماحه الذي لا يعيى فاخترق مدّ المحيط مواجها شساعة البحر وداعيا الرب أن يشهد على أنه لا يستطيع أن يذهب أبعد.