قائمة الکتاب
VI ـ التّطور السياسي والصراعات الدينية
١٧١
إعدادات
تأسيس الغرب الإسلامي
تأسيس الغرب الإسلامي
تحمیل
تلك المرحلة. فقد كان الإباضية ماسكين بزمام الحكم في القيروان وإفريقية بينما تمكّن الصفرية من تكوين إمارتين في المغرب الأوسط ، واحدة بتلمسان والأخرى بسجلماسة وهي دولة بني" مدرار" ، على أثر هزيمتهم بالقيروان سنة ١٤٠ ه.
لقد كانت سجلماسة بعيدة وسيكون لها مستقبل ، أمّا مطامح الإباضية في تكوين مملكة بربرية خارجية بإفريقية بالذات وفي القيروان نفسها ، فهذا أمر صعب لسببين : كثافة الحضور العربي ، والرّفض المبدئي لسلطة الخلافة في أن تقبل بهذا الأمر. إلّا أنه يبدو من وهلة أولى وكأنّ العناصر العربية من الذين استوطنوا إفريقية طوال العهد الأموي أضحوا منهكين وكأنهم عجزوا على الحفاظ على سلطانهم بإفريقية أو ربط صلة وثيقة بسلطان الخلافة العباسية الجديدة. لقد فشلوا في تكوين حكم ذاتي تحت راية الفهريين بسبب انشقاقاتهم الداخلية ولأنهم في آخر المطاف لم يكونوا في تلك الآونة مستعدين للابتعاد عن مظلة الخلافة.
العودة العباسية (١٤٤ ـ ١٥٥ ه / ٧٦١ ـ ٧٧١ م)
لقد أظهر الخلفاء العباسيون اهتماما كبيرا ببلاد المغرب ، ذاك الجناح الغربي الشاسع لدار الإسلام. ومثل الأمويين لم يكونوا ليفرّطوا في مصيره كجزء مهمّ من الإمبراطورية. فلهذه قلب ـ العراق والشام وحتى الحجاز ـ وجناح شرقي ممتدّ على العالم الإيراني إلى تخوم الصّين وجناح غربي يضم مصر وليبيا الحالية والمغرب كلّه إلى الأطلسي والأندلس. وأمام الاضطرابات الداخلية ومحاولات الانفلات من قبضة الخلافة وكذلك الثورات الخارجية ، هذه الثورات التي كانت عارمة في المشرق في آخر لحظة من العهد الأموي والتي غلبت على أمرها ، أظهر المنصور ومن بعده من الخلفاء إرادة فولاذية في استرجاع المغرب وقام عبر جحافل جيوشه بعودة عارمة للحضور الخليفي.
في تلك اللحظة وطّدت الخلافة الجديدة وجودها بعد صعوبات