الخراج ، وصاحب الخراج ، لكن قد يعني ذلك اختصاصا على مستوى جملة الولاية.
إنّما وكما نرى في رقاع أخرى من دار الإسلام ، كان العامل الجهوي يمثّل الوالي على كلّ المستويات مع عمّال مختصّين بالخراج تحت إشرافه. هذا يظهر جليّا في كتاب البيان المغرب (١) لابن العذاري حيث نرى ، ملتصقة بهذا الحدث أو ذاك ، الجوانب المتعدّدة لسلطة العامل والتي تبدو كسلطة كاملة. فمثلا نجد أنّ عامل كورة تبرقة ـ وهو سليمان بن زياد ـ يقود الحامية المحلية ويلبس السلاح كي يدافع عن السّلطة الشرعية. هنا تطرح نفسها مشكلة العلاقات بين ما هو عسكري وما هو مدني على مستوى الكور. فنحن نرى ، في آخر فترتنا ، أنّ تمّام بن تميم ، عامل تونس ، أخذ قيادة انتفاضة للجند (٢) ، ونرى كذلك أنّ الوالي الفضل بن روح أرسل جيشا عتيدا إلى تونس تحت إمرة عامل جديد (٣) لضرب ثورة ابن الجارود ـ وقد احتدم الجيشان فعلا ـ. وهكذا نتيقّن أنّ العامل يمثّل الوالي على جميع المستويات وبالخصوص على مستوى القيادة العسكرية ، لكن نتساءل عمّا إذا لم يكن هؤلاء العمّال من أصل عسكري بحت أدخلوا في هذه الوظيفة في فترة قوي فيها دور الجيش وكثر فيها الاضطراب ، فاحتيج إليهم وإلى مهاراتهم واختلط دور العامل بدور القائد.
صحيح أنّ تونس كان لها دور عسكري ممتاز بإفريقية وأنّ من المعقول أن يكون عاملها عاملا عسكريا قبل كلّ حساب أي أن تطغى عليه هذه الصفة ، ولا ندري هنا ما إذا كانت الجباية تبعا له أو تبعا لديوان الخراج بالقيروان ، لكنّ توزيع العطاء يقع على عين المكان وهو أمر ذو أهميّة قصوى وبالتالي يستوجب أن يكون العامل متمكّنا من أموال
__________________
(١) البيان ، ج ١ ، ص ٦٨.
(٢) م. ن ، ص ٨٩.
(٣) م. ن ، ص ٨٧.