حزيران (يونيه) و ١٦ كانون الأول (ديسمبر).
تلك هي القواعد الفلكية التي يلاحظها الأفارقة سواء فيما يتعلق بتحديد أوقات التصرف بممتلكاتهم أو فيما يتعلق بزروعهم وقطاف ثمارهم أو فيما يتعلق بأوضاع النجوم في بيوت التنجيم ولحساب حركات الكواكب السيارة. وهم يعلمون الأولاد في المدارس كثيرا من الاشياء المفيدة جدا والمتعلقة بهذه القضايا.
هذا وكثير من الفلاحين ، من عرب وسواهم ، أميون تماما ، ولكنهم يعرفون الكلام عن الفلك بإطناب ، ويستخلصون مما يقولون استنتاجات هم على يقين مطلق بها. وتأتي القواعد التي يتبعونها في سبيل ذلك ، والتي تعتبر ضرورية لهم ، تأتي من البحوث اللاتينية ، التي ترجمت الى العربية وهناك مطول ضخم مقسوم إلى ثلاثة كتب يدعى بالعربية «كنز الزراعة». وقد جرت ترجمته من اللاتينية الى العربية في قرطبة ، في عصر المنصور ملك غرناطة. (٢١٤) ويعالج هذا الكتاب كل المفاهيم والمبادىء المتعلقة بالزراعة كأوقات البذر ، والغرس ، وتطعيم الاشجار. وإعداد كل ثمرة أو حبة أو أي نوع من الخضار للزراعة ... ويدهشني كثيرا ان يكون لدى الأفارقة هذا القدر من الكتب المترجمة من اللاتينية وألا نجد الآن مثلها عند اللاتين.
ويعتمد على القمر في حساب الوقت والقواعد المتعلقة به في كل القضايا التي تخص العقيدة والأحكام الدينية ، والتي يتبعها الأفارقة وسائر المسلمين ، وتتألف السنة من ٣٥٤ يوما ، لان لكل شهر من ستة أشهر فيها ثلاثين يوما ، ولكل شهر من ستة أشهر اخرى تسعة وعشرين يوما ، مما يعطى هذا الرقم للمجموع ويقع العيدان والصوم في تواريخ مختلفة. أي تكون السنة العربية أقصر من السنة اللاتينية بأحد عشر يوما. وهذه الايام الإحدى عشر تجعل سنتنا دائما متأخرة عن العام الشمسي. (٢١٥)
__________________
(٢١٤) هو المنصور بن أبي عامر ، حاجب الخليفة الأموي في قرطبة ، الحكم ، وهو الملك الحقيقي لاسبانيا الإسلامية ، التي كان العرب يسمونها الأندلس ، ويسميها مؤلفنا غرناطة ، وقد توفي المنصور سنة ١٠٠٢ م.
(٢١٥) إن التقويم العربي هو أقدم من الإسلام بكثير وجاء حين من الوقت كانت الأيام التكميلية تسمح فيه بتوافق عامة مع التقويم الشمس. وبعد وفاة محمد صلّى الله عليه وسلّم بسبعة أعوام قرر الخليفة عمر أن يبدأ التاريخ الإسلامي من أول يوم من العام الهجري ، أي من السنة التي تمت فيها القطيعة مع المكيين وهي قطيعة تدعى الهجرة ، وجاء الرسول ليقيم في يثرب ، التي دعيت فيما بعد مدينة النبي. ووصل محمد صلّى الله عليه وسلّم الى يثرب ، التي كان يسكنها بعض اليهود ، يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول من هذا العام العربي والعاشر من شهر تشري. من هذا العام العبري ، وهو يوم عيد الغفران عندهم. ولم يكن التقويم ـ