سقائي القاهرة الذين يقارب عددهم ثلاثة آلاف. ومن وجهات نظر أخرى فإن سكان القاهرة ليسوا على قدر كبير من الشجاعة. وليس لديهم أسلحة في منازلهم ، ولا يعثر الإنسان على سكين لقطع الجبن إلا بصعوبة. وقد يتشاجرون أحيانا ويتبادلون اللكمات ، في حين تهرع فئات المشاهدين ولا ينصرفون حتى يتم الصلح بين المتخاصمين.
وأكثر انواع الغذاء رواجا لحم الجاموس مع كمية كبيرة من الخضر. وعند الطعام يمدّ خوان قصير ومستدير ، هذا إذا لم تكن الأسرة كثيرة العدد ، وإذا كانت الأسرة كثيرة الأفراد يستخدم سماط طويل كالذي يستعمل في البلاط.
ويوجد لدى المسلمين مذهب ديني يبيح أكل لحم الحصان (١١٥). وعندما يتعرض حصان لكسر في أحد أطرافه ويصبح عاجزا عن العمل ، يشتريه الجزارون الذين يتبعون هذا المذهب ، ويسمنونه ، ويذبحونه ، ويتهافت الناس على شراء لحمه. ويدعى هذا المذهب بالمذهب الحنفي (*). ويتبع الأتراك هذا المذهب والمماليك ومعظم مسلمي آسيا. ومع أن لحم الحصان شرعي وحلال بالنسبة للأتراك فليس من عادتهم أكله.
ونجد في القاهرة كما في كل مصر أربعة مذاهب دينية مختلفة فيما بينها في إقامة العبادات وفي تطبيق الشريعة المدنية والقانونية ، ولكنها ترتكز جميعا على تعاليم القرآن. وعلينا أن نعرف أن أربعة علماء أوجدوا ، في الماضي ، وذلك بفضل اجتهادهم ، أوجدوا طريقة لاستنباط حالات فريدة في العموميات التي جاءت في دين محمد (صلّى الله عليه وسلّم). وقد فسر كل منهم القرآن حسب وجهة نظره واستخلص منه النتائج
__________________
(١١٥) «عادة أكل لحم الحصان ليست جديدة ولا تلفت النظر ، فقد ذبح حاتم الطائي فرسه ليقدمها لضيوفه. كما أن مسلمي القفقاس يأكلونه وكذلك حاليا في أوربا ولا سيما في باريس ، ولكن غلاء ثمنه في العصور الماضية في عالم الإسلام حال دون ذبحه وبالتالي نسيان عادة استهلاك لحمه» (المترجم).
(*) [في مذهب الإمام أبي حنيفة فيما يتعلق بأكل لحم الفرس قولان : أحدهما ينسب للإمام نفسه ويقرر أن أكله جائز ولكنه مكروه كراهة تنزيه (أي كراهة خفيفة) في رواية ، وكراهة تحريم (أي كراهة شديدة) في رواية أخرى ؛ والآخر ينسب للصاحبين (وهما أبو يوسف ومحمد من أبرز تلاميذ أبي حنيفة) ويقرر أن أكله جائز ولا كراهية فيه. ـ هذا وهناك مذاهب أخرى غير مذهب أبي حنيفة من مذاهب أهل السنة وغيرهم يجيز أكل لحم الفرس. ـ انظر الميداني على القدوري في مذهب أبي حنيفة ص ٣١٧] (المراجع).