ينتجعون وينصبونها حيث يرعون حيواناتهم ، كما يفعل العرب (٦٨) ، ويستمد الملك دخلا كبيرا من الرسوم التي يدفعها التجار الغرباء وأيضا من حاصلات البلاد ولكنه يدفع جزية تبلغ مائة وخمسين ألف دينار لملك تومبوكتو (٦٩).
__________________
(٦٨) يبدو وصف آغادس أمين جدا. وإذا كان جدار السور غير موجود اليوم ، فإن بقايا منه لا تزال ظاهرة في بعض الامكنة. ويوجد مخطط صغير في كتاب «الصحراء الفرنسية» تأليف كابوراي ، شكل ٢ ، والسكان زنوج حقا ، وينصّب ملكها من طرف طوارق قبيلة كل وي وكلغرس مجتمعين ، مثلما يخلع من طرفهم ، إذا لم يرضهم ، كما ذكر الحسن الوزان. أما الاخصاص من الأغصان أو من الحصر التي يسكنها البدو والتي ينقلونها على الثيران ، فهي عبارة عن أكواخ قابلة للنقل والتي تستحدم خاصة لدى كل وي ، وقد وصفت هنا بصورة صادقة ، ولا يشير الوزان الى انه زار آغادس ، والملاحظ أنه لا يذكر اسم آيير في هذا الفصل ، وهذا ما يثير الاستغراب. ولا يثق الجنرال ايبولار بكلامه ، إذ توجد «ثغرات» من ناحية أخرى ، ثغرات صارخة في وصفه المنطقة المحصورة بين النيجر والنيل ، ولكن يجب أن نعترف على كل حال بأنه استفهم عن هذه المنطقة بصورة صائبة ، عن أهلها وخاصة عن المدينة. ويروي الوزان أنه كان في بورنو ، وربما انه حصل فيها على المعلومات ، ولكن ايبولار يرفض ايضا هذه الفرضية ـ ه. ل.
(٦٩) إن تاريخ خضوع سلطان آغادس الى آسكيا يثير الجدل ، لأنه من المقبول عموما أن ذلك كان نتيجة حملة سونغائي في آيير والتي وقعت سنة ١٥١٥ م. وهذا هو رأي الباحثين دولافوس واورفوا اللذين عالجا هذه المسألة. ولكن كانت هناك حملتان وهذا ما سنحاول البرهنة عليه فيشير كتاب «تاريخ الفتاش» (ص ١٣٥) ضمنيا ان آسكيا قام بحملة سنة ١٥٠٠ م ضد منطقة آيير ويعبر عن ذلك بما يلي : «في عام ٩٠٦ ه (بين تموز ١٥٠٠ و ١٦ تموز ١٥٠١) قام بحملة ضد تلدزه في الآيار حيث وصلت الكاكاكي [طبول صغيرة كانت تؤلف جزءا من الامتيازات الملكية في السلطنات الزنجية المسلمة في السودان ـ ه. ل] ، وهذا ما لم يحدث قبل ذلك. ويؤكد تاريخ السودان (ص ١٢٤) هذا الواقع ويقول : «خلال السنة السادسة من حكمه قام (اي آسكيا) بحملة ضد آيار وقسر تلدزه على الدخول في سلطته». وقد خطر ببال المترجمين هوداس ودولافوس ان هناك علاقة بين آيار وآيير ولكنهما لم يأخذا بهذه الفرضية ، ورجّحا عليها آيورو ، وهي بلدة واقعة على النيجر الأوسط. والواقع هو أن دولافوس في كتابه «السنغال الأعلى والنيجر» ج ٢ ص ٩٠ ترجم دون تحفظ آيار بكلمة آيورو ، وأشار الى أن تلدزه ، التي كتبها على شكل تيلديا ، يمكن ان تكون تيللا بيري. ويظهر على اورفوا اثناء كلامه عن قضايا آيير أنه يشك في حملة عام ١٥٠٠ م ، واخيرا لا يتمسك بدعواه (تاريخ سكان السودان الأوسط ص ١٧٢). ومع هذا يوجد مكان في آيير يحمل اسما قريبا جدا من اسم تلدزه والذي يتطلب النرضيح بصورة حاسمة ، لا سيما وأنه كان حوالي العام ١٥٠٠ مقر سلاطين هذه البلاد. وفي الواقع فإن مخطوط ب من تواريخ آغادس الذي نشره في «تواريخ آغادس ، أو حوليات ، جريدة الجمعية الافريقية ، مجلد ٤. ١٩٣٤ م فصل ٢ ، ص ١٥٤» يقول ما يلي : «وبعدئذ نهضت قبائل سندال الخمس لمواجهة السلطان ووجدوه في بلاد أعارم كتافاو [والمقصود بذلك بلدة آدوسيّه في قلب آيير ـ ه. ل] ونقلته الى بلاد تادوليزه ، لأن الثيران التي كانت تجلب الدخن الى آيير كانت تجهد كثيرا. وبعدئذ اقتادوه الى تينشمان وبنوا له حصنا. ولم يكن له من أصحاب سوى أناس من القبائل الأربع التي شيدت قصر السلطان ، وتقاسمت العمل فيما بينها ، أي قبيلة آموسّوفان. فهؤلاء هم الذين كانوا يسيطرون على بلاد بارغو [بوركو ، بلدة واقعة في جنوب شرق آيير ، والمكان الذي يتجمّع فيه اصحاب القوافل الذين يشتركون في قافلة بيلما ، في شمال التشاد ، قبل أن يجتازوا صحراء تينيره الرهيبة ـ ه. ل] في موقع تيغيّدا وآدربيسّينات. وبنوا بأنفسهم العمائر أمام المسجد الجامع في آغادس وثابر أحفاده السلاطين من بعده على سكنى هذه العمائر حتى أيامنا». ومما لا ريب فيه أن