ولملك تونس ألف وخمسمائة من الفرسان ومعظمهم من النصارى الذين اعتنقوا الإسلام. ولكل واحد منهم مرتب لنفقته هو ولحصانه. ولهؤلاء الفرسان قائدهم الخاص الذي يعينهم ويسرحهم كما يشاء.
ولدى الملك أيضا مائة وخمسون فارسا ، وهم مسلمون بالولادة ، وهم عبارة عن مستشارين عسكريين للملك فيما يتعلق بالأوامر التي تعطى وبشئون الحرب. وهم عبارة عن ضباط أركان حرب.
ولدى الملك ، من ناحية أخرى ، مائة من راشقي السهام والكثير منهم نصارى أسلموا. وهم يواكبون الملك عندما يخرج راكبا في المدينة أو في خارجها.
ولكن الملك يحاط عن قرب أكثر عند خروجه بالحرس السري ، المؤلف من نصارى يسكنون الربض الذي تكلمنا عنه. ومن ناحية أخرى يتقدمه حرس آخر ، مشاة ، مؤلف من أتراك مسلحين بالأقواس وبالطبنجات (١١٩) ويمشي أمام الملك ، راكبا ، رئيس الحشم ، الذي يكون مواكبا من جانب بالضابط حامل حربة الملك ، ومن الجانب الآخر بالضابط الذي يحمل ترسه ، ومن خلفه الضابط الذي يحمل راشقة السهام. ويركب حوله بعض الضباط مثل رؤساء أركان الحرب والمشرفين على شئون التشريفات الملكية.
ذاك هو النظام السائد حسب القواعد المقررة والعادات المتعارف عليها في بلاط تونس ، ولكن ذلك معروض بصورة عامة ، لأن الاختلاف كبير بين أسلوب الحياة العادية لقدامى الملوك وطريقة الحياة الفريدة لدى الملك الحالي. والواقع أن هذا الملك هو من نوعية أخرى مختلفة ، فله عادات وسلوك آخر يختلف عن أسلافه. ويعتورني الخجل من الكلام عن الرذائل الشخصية لملك ما ، ولا سيما ملك لقيت منه الكريم من اللفتات. ومع هذا ، حتى لو تجاوزت هذه النقائص وضربت صفحا عنها ، فيجب علي أن أقول إن هذا الملك برع في استخلاص المال من رعاياه. ويعطى قسما منه إلى العرب وينفق الباقي لبناء قصوره ، حيث يحيا فيها حياة كلها ميوعة وشهوانية ، بين الموسيقيين والمطربين والمطربات ، تارة في القصبة ، وتارة أخرى في بساتين بديعة.
__________________
(١١٩) الطبنجة عبارة عن بندقية قصيرة وعريضة الفوهة تحمل باليد ، وظهرت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.