بكاملها.
وكيف نصدق ذلك ، ونحن نرى ابن سعد يروي في الطبقات عن أنس : أن أبا بكر استعمله على الصدقة ، فقدم وقد مات أبو بكر ، فقال عمر (ر ض) : يا أنس ، أجئتنا بالظهر؟
قلت : نعم.
قال : جئتنا بالظهر ، والمال لك.
قلت : هو أكثر من ذلك.
قال : وإن كان هو لك. وكان المال أربعة آلاف فكنت أكثر أهل المدينة مالا (١).
فإذا كان أنس أغنى أهل المدينة بالأربعة آلاف ، وذلك في زمان عمر ، الذي اتسع فيه الأمر على الناس ، وحصلوا على الأموال الكثيرة.
فهل يمكن أن نصدق أن مهاجريا قدم المدينة بلا مال ، يصير من الثراء بحيث يبذل سبعمائة ألف درهم بعد فترة وجيزة جدا من قدومه؟!. ولا سيما في وقت كان يعاني فيه المسلمون صعوبات جمة ، حتى إن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يربط الحجر على بطنه من الجوع (راجع حديث الغار ، حين البحث في ثروة أبي بكر).
ولماذا لم تنزل في طلحة آية تشيد بهذه الفضيلة له ، كما نزلت في علي «عليه السلام» حينما تصدق بالخاتم في الصلاة (٢) وحينما تصدق بأربعة
__________________
(١) حياة الصحابة ج ٢ ص ٢٣٥ ، وكنز العمال ج ٥ ص ٤٠٥.
(٢) تقدمت المصادر لذلك في أواخر الجزء الثالث من هذا الكتاب في فصل : هجرة