فوق «عنة» وتوقفنا
عند تلال مكسوة بالطلق أو بمعدن آخر ناصع البياض. لم نرحل كعادتنا في ذلك المساء ،
فقبل الغروب داهمنا فرسان يحملون البنادق والأسلحة المختلفة ، قدموا من قبل سادة «عنة»
الذين اطلعوا من القبوجيين على خبر مرورنا بأراضيهم فلحقوا بنا ليستوفوا الإتاوات
بأية طريقة كانت رغم أننا لم ندخل المدينة. لقد حاولنا التهرب من دفعها ، وها هم
يطالبون بها!.
لم نرحل في اليوم
التالي بل مكثنا هناك لدفع الضرائب ، فأديت ستة قروش فرضت عليّ ، وقرشين كهدية
خاصة بهم. وقد ادعى رئيس الجمالين أنه لا يحمل مالا فأديت عنه عشرين قرشا ، وهكذا
جازيت شخصا لم أنل منه غير الأذى والضرر ، وبالرغم من ذلك كله فقد فتحوا الصندوقين
وقلبوا الأمتعة بفظاظة ، ورغم ما فعلوا فأنا ممتنّ لهم جدا ، لأنهم عندما تقدموا
لفتح صندوق جثمان الست معاني توسلت إليهم ألا يفعلوا ثم اضطررت لإخبارهم بمحتواه
ورغبتي بدفن جثمان زوجتي في أرض آبائي ، فتراجعوا ورثوا لحالي ، ولم يخلقوا لي
مشاكل جديدة مع ان عملي كان مخالفا لشريعتهم وعاداتهم ، فشكرت ربي ألف مرة!.
مضى قسم من الجنود
الذين أتوا من «عنة» ، بينما سار قسم آخر معنا ، إذ كانوا يحملون أموالا إلى الشيخ
«مدلج». وعند المساء عاد إليّ رئيس الجند وأمرني أن أفتح صندوقين صغيرين لم
يفتحهما في النهار ، فامتثلت لأمره ، ولما استعرض المحتويات أخذ رداء الست معاني
وهو زيها العراقي وكان من الحرير ، لونه أزرق غامق ، كما أخذ كرة من العنبر ،
وإناء جميل الصنع من الهيصم سلمه إليّ في الهند السيد «أنكونيو باراكو» لأقدمه باسمه
هدية إلى السيد «ديل دراكو» في روما ، كما أخذوا بعض الأواني المصنوعة من الخزف
__________________