مسرعة ، سرعان ما
اختفت في عمق الصحراء. وكانت أولى الغزلان التي رأيتها طليقة في الطبيعة ، ثم رأيت
بعد ذلك مئات منها في السودان وفي النوبة.
وعند ما حل المساء
اكتسى جبل المقطم لونا بنفسجيا لا يضاهي في جماله ، كان صفاء الجو يسمح برؤية أصغر
الأشياء بوضوح من مسافة بعيدة كل البعد.
ولكن فجأة لم نعد
نرى شيئا ، لأن الشمس غربت ، وفترة الغروب قصيرة في هذه المناطق حتى إنه بمجرد
غياب الشمس يهبط الليل دفعة واحدة ودون تدرج.
نصبنا خيامنا قرب
المحطة رقم (١٣) ، على أرض حجرية تنتشر عليها نباتات الداتورة Daturas. لقد كتب بعض الرحالة أن شجرة الحجاج
هي الشجرة الوحيدة التي نراها على طريق القاهرة ـ السويس ؛ وليس ذلك بصحيح ، فقد
كان هناك حول خيامنا ما يقرب من عشر أشجار ميموزا (السنط). وتوقف قرب مضاربنا
لقضاء الليل أحد الألمان ، وكان يعبر الصحراء مع جمل واحد وجمّال واحد. وكنا ننوي
استقباله استقبالا لائقا بدعوته إلى مشاركتنا طعام العشاء ؛ ولكن طبعه الكئيب ،
وصمته ، بدد رغبتنا في استضافته ؛ لقد انزوى ، وتركناه كذلك ، وكأنه دب في غابته
التي ولد فيها. أما جمّاله ، وكان لين العريكة أكثر من الألماني ، فإنه سرعان ما
استأنس بجمّالتنا ، وعلى الرغم من أنهم كانوا قد ساروا / ٢٠ / على أقدامهم عشر
ساعات ، فإنهم ظلوا يتسامرون جميعا حتى وقت متأخر من الليل.
انطلقنا في اليوم
الرابع ، في وقت أكثر تأخرا من اليومين السابقين ؛ لأننا لم نكن إلا على بعد ستة
فراسخ من السويس. سرنا على الطريق ما يقارب مئة خطوة ، ثم تركناها متجهين يسارا
نحو بئر عجرود ، المحاطة بالأسوار ، وتقع في قلب قصر مهدم ، واستبدل بالحامية التي
كانت تقيم فيها عائلة بدوية أوكل
__________________