وكانوا لا يجدون
الطعام إلا عنده ولا يشير لهم صراحة إلا من قبله ، فقيل على هذا المعنى ( ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ
) يوسف / ٦٥.
أي متيسر لنا إذا تسببنا إلى ذلك
باستصحاب أخينا ، واليسير شائع الاستعمال فيما يسهل من الأمور كالعسير مما يتعذر
منها ولذلك قيل : يسر الرجل.
وقد قيل : إن معنى الكيل هنا السعر ،
أخبرني أبو عمرو عن ابن العباس قال : الكيل بمعنى السعر ، فكيف الكيل عندكم ؟
بمعنى كيف السعر ؟
٣ ـ وأما قوله سبحانه : ( أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ
آلِهَتِكُمْ ) ص / ٦.
وقول من زعم أنه لو قيل بدله : امضوا
وانطلقوا كان أبلغ فليس الأمر على ما زعمه ، بل امشوا في هذا المحل أولىٰ
وأشبه بالمعنىٰ وذلك لأنه إنما قصد به الاستمرار على العادة الجارية ولزوم
السجية المعهودة في غير انزعاج منهم ، ولا انتقال عن الأمر الأول ، وذلك أشبه
بالثبات والصبر المأمور به في قوله : (
وَاصْبِرُوا
عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ) ص / ٦.
والمعنى كأنهم قالوا : ( امشوا على
هينتكم وإلىٰ مهوىٰ أموركم ، ولا تعرجوا على قوله ولا تبالوا به ...
وقيل بل المشي ها هنا معناه التوفر في العدد والاجتماع للنصرة دون المشي الذي هو
نقل الأقدام.
٤ ـ وأما قوله سبحانه : ( هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
(٢٩) )
الحاقة / ٢٩ ، وزعمهم أن الهلاك لا يستعمل إلا في تلف الأعيان فإنهم ما زادوا أن
عابوا أفصح الكلام وأبلغه ، وقد تكون الاستعارة في بعض المواضع أبلغ من الحقيقة
كقوله عزّ وجلّ : (
وَآيَةٌ
لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ
) يس / ٣٧.
والسلخ ها هنا مستعار هو ابلغ منه لو
قال نخرج منه النهار وإن كان هو الحقيقة ، وكذلك قوله : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ
) الحجر / ٩٤
، وهو أبلغ قوله فأعمل بما تؤمر وإن كان هو الحقيقة ، والصدع مستعار ، وكذلك قوله
: ( هَلَكَ عَنِّي
سُلْطَانِيَهْ (٢٩)
) الحاقة / ٢٩
، وذلك أن الذهاب قد يكون على مراصده العودة ، وليس مع الهلاك بقيا ولا رجعىٰ
، وقد قيل إن معنى