وكل لفظ يدل على العموم بل هو من أدوات
العموم ليتساوىٰ المعنى العام مع اللفظ العام.
والكاتب جامع مانع في إحصائية استقصائية
لأعمال الخلائق وتصريف شؤونها ، وهو اللوح المحفوظ الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة
إلا أحصاها.
إن آية واحدة من كتاب الله ترتفع بنا
إلى المستوىٰ الدلالي المتطور في جملة ألفاظها ، فكيف بسورة منه يا ترىٰ
وأين موقعنا من آياته وسوره كافة.
ح ـ وما أراد به الإيحاء الخاص الكامن
وراء دلالة اللفظ فإنه يختار بذاته لتلك الدلالة بذلك الإيحاء ولو دققت النظر في
استعمال لفظ « زرتم » في سورة التكاثر (
حَتَّىٰ
زُرْتُمُ المَقَابِرَ (٢)
) لتبين لنا أن القرآن لم يستعمل الزيارة
إلا في هذه الآية وإنه استعمل مادتها في آيات أُخر ، وهذا الاستعمال يوحي بدلالة
حسبة قد لا ينبئ عنها ظاهر اللفظ ، ومركزي المعنى بقدر ما يصوره إيحائي التعبير
الدقيق ، ويبدو أن أعرابياً مرهف الحس قد التفت إلى هذا الملحظ الشاخص فقال حينما
سمع الآية على فطرته الصحراوية ، وبوحي من بداوته الصافية قال : ـ
« بعث القوم للقيامة ورب الكعبة ، فإن
الزائر منصرف لا مقيم »
، لقد وضع هذا الإعرابي يده على حسٍّ بلاغي عميق ، أدرك فلسفة تخير هذا اللفظ دون
سواه ، بعيداً عن الفهم التقليدي والوعي القاصر في ترددات الناس بصورة الزيارة
وكيفيتها ومؤداها لأنه في استعمال الزيارة عدة احتمالات فقد يأتي بمعنىٰ
الموت وقد يعبر عن الموت بالزيارة ، وقد يراد غير هذا وذاك ، في إيحاء باهر جديد
يضع القرآن له أصلاً مبتكراً في عالمي النقد الأدبي والبيان العربي.
تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن في هذا
المقام : ـ
________________