أو تدقيق فيه ، صحة وفسادا ؛ حتى ليخيل إليك أن تلك النصوص جزء من الوحي الإلهي ، الذي لا يتطرق إليه الشك ، ولا يرقى إليه الريب ، مهما كانت متناقضة ومتنافرة ؛ إذ لا بد من الجمع بينها ، وتمحل الوجوه لها ، ولو كانت مما يأباه كل عقل ، ولا يقره وجدان ، ولا يرضاه ضمير ، حتى إذا لم يمكن ذلك فلا بد من السكوت عنها ، والاعتراف بالعجز عن فهم حقيقة الحال فيها ، وذلك هو أضعف الإيمان.
٢ ـ لقد انصب اهتمامي في هذا الكتاب على الناحية التحقيقية حول صحة وعدم صحة الكثير مما يدعى أنه سيرة نبوية ، أو تاريخ إسلامي ، ولكن بالمقدار الذي يتناسب مع كتاب كهذا ، يريد أن يعطي صورة متقاربة الملامح قدر الامكان عن فترة زمنية ثرية بالأحداث والمواقف الحساسة ، وقد كانت ولا تزال محط النظر ـ بشكل رئيسي ـ لأهل المطامح والأهواء السياسية ، والمذهبية ، وغيرها.
بل هي أخطر وأهم مرحلة تاريخية على الإطلاق ؛ لأنها غيرت جذريا ، وليس فقط أصلحت كل الأسس والمنطلقات الخاطئة لكل قضايا وشؤون الإنسان والإنسانية جمعاء.
وقد كانت المهمة في الحقيقة شاقة وصعبة للغاية ، ولكنني رضيت بتحمل ذلك ، لأنني أدركت مدى حاجة المكتبة الإسلامية إلى جهد كهذا ، مهما كان ناقصا ومحدودا ؛ ليكون النواة والخطوة الأولى على طريق اعتماد المنهج التحقيقي العلمي في التعرف على قضايا التراث ، بصورة شمولية ، ومستوعبة.
٣ ـ وقد يلاحظ القارئ لهذا الكتاب بعض الفجوات فيه ، أو مدا وجزرا في الشمولية والاستقصاء.