فدخل الإسكندرية
الأولى ، فعاث فيها وأتلف كثيرا من معالمها ، ثم اجتاز من ناحية رشيد وسار حتى أتى
منف.
فخرج إليه أهل
النواحي ، فحاربوه محاربة شديدة ثم قصد المدينة الداخلة لأجل كنوزها ، فوجدها
ممتنعة بالطلسمات الشداد ، والأعلام العظام ، والمياه العميقة ، والخنادق السافلة
والسداخات الهائلة. فأقام عليها يعالجها أياما فما استطاع تبطيل شيء منها ، واشتد
عليه الأمر وطال ، فعمد إلى الكاهن واحتج بما ضمن له فقتله.
وقد هلك جمع كثير
من أصحاب الملك الفرنجي ، واجتمع أهل السواد على مراكبه فقتلوا خلقا كثيرا من
أصحابه ، وغنموا كثيرا من أمواله وأحرقوا ما بقي منها.
وارتفع الأمر
للملك ، فأمر من بقي من السحرة والكهنة أن يخرجوا إليهم ، ويلقوا سحرهم وتحاييلهم
على الفرنجي ، ففعلوا وتبع تهاويلهم ريحا عاصفة فأهلكت من تأخر منهم.
ورجع الملك وحيدا
دون جيشه وماله مع جراحات أصابته زيادة على ما بيده.
ورجع الناس إلى
أماكنهم منصورين غانمين. ودخل الملك صا منف ، وأقام بها وكنوزه بمكانها إلى وقتنا
هذا.
ثم أنه أخذ باله
من الفرنج ولا يزال يغزوهم ويغزو بلاد الروم مع جزائرها حتى خرب أكثرها ، وعمد إلى
الكهنة ، فقتل منها خلقا.
وأقام ملكا سبعا
وستين سنة ، وعمّر مائة وسبعين سنة ودفن في منف في ناووسه الذي عمله لنفسه في وسط
المدينة تحت الأرض ، وجعل المدخل الذي يدخل إليه من خارج المدينة من الجهة الغربية
، وحمل إليه مالا عظيما ، وجوهرا كثيرا ، وتماثيل وطلسمات وغير ذلك.
وكان فيه أربعة
آلاف تمثال من ذهب على صور شتى ، وتمثال عقاب من ذهب وجوهر أخضر ، وجعل عند رأسه
تمثال ثعبان من ذهب / مشبّك عند رجليه ، وزبر اسمه ، وقهره للملوك وسيرته وعهد إلى
ابنه :
تدارس الملك :
وهو أول من ملك
الأحيان كلها بعد أبيه وصفا له الملك في مصر ، وكان تدارس محنكا مجربا ذا يد وقوة
ومعرفة فأظهر في الرعية العدل. وبنى غربي منف بيتا عظيما للزهرة وكان صنم الزهرة
من الأزورد مذهب بتاج من ذهب يلوح بزرقة وسوره بسوار من زبرجد أخضر ، وكان في صورة
امرأة لها ذؤابتان (ضفيرتان) من ذهب مدبر أسود وفي رجلها خلخالان من حجر أحمر شفاف
، ولها نعلان من ذهب ، وفي يدها قضيب مرجان