يختارها لأغانيه ،
ولم يكن أحد يتصرف فى مذاهب الأغانى مثل إبراهيم الموصلى ابنه إسحاق وترك إبراهيم
الموصلى بعد وفاته ثروة قدرت بأربعة وعشرين ألف ألف درهم سوى أرزاقه الجارية وهى عشرة
آلاف درهم وسوى غلات ضياعه .
كذلك اشتهر فى
الغناء فى بغداد إسحاق بن إبراهيم الموصلى والرشيد شغف به لأنه كان على جانب كبير
من المقدرة العلمية والأدبية والرواية ، وكان شاعرا مجيدا ، وعلى ذلك نقول إنه لم
يكن مغنيا بارعا فحسب بل عالما وأديبا وشاعرا.
ويذكر صاحب كتاب
الأغانى أن إسحق لم يكن له نظير فى الغناء ، فإنه لحق من مضى فيه ، وسبق من بقى ،
فهو إمام أهل صناعته جميعا ورأسهم ومعلمهم.
يعرف ذلك عنه
الخاص والعام ، وكان إسحاق الموصلى يحدث الرشيد بأحاديث القيان والمغنين تارة
وبأخبار العرب وأيامها تارة أخرى ، ويتفوق على غيره من المغنين فى مجالس الغناء .
كان إسحاق رغم
تفوقه فى الغناء لا يحب أن يوصف بأنه مغنى وبلغ من تقدير الخليفة المأمون له أن
قال. لو لا ما سبق على ألسنة الناس وشهر به عندهم من الغناء لوليته القضاء فإنه
أولى به وأحق ، وقد روى الحديث ولقى أهله مثل مالك بن أنس ، وهو الذى صحح أجناس
الغناء وطرقه ، وميزه تمييزا لم يقدر عليه أحد قبله ، ولا تعلق به أحد بعده ، وصنف
كتابا فى الألحان رتب فيه جميع طرقه والأجناس ، وجمع الغناء القديم وألحق به
الغناء الحديث إلى آخر أيامه بما فى ذلك أقوال العلماء الأقدمين من اليونان مثل
أقليدس وغيره من أهل العلم بالموسيقى ، وتفهم ما أفنوا فى بحثه الأيام والليالى.
ومن أقوال إسحاق فى الغناء : إن الإيقاع من الغناء بمنزلة العروض من أشعر ، «والمغنى
الحاذق من تمكن من أنفاسه ، ولطف فى اختلاسه وتفرغ فى أجناسه .
وكان الخليفة
الواثق من أكثر العلماء تقديرا لإسحاق ، وكان إذا صنع شيئا من
__________________