رأى إسكندر أن لا مناص من هذا التضييق لجأ إلى حصن النجق. فحاول جهانكير شاه أخذه فلقى منه الأمرين. واضطر إلى استعمال الغدر والخيانة للبلوغ إلى وطره فنجح. ولما كان يعلم أن قباد بن إسكندر قد هام بجارية من جوارى أبيه دفعها إلى أن تقتل إسكندر فقتلته وكان ذلك فى سنة ٨٤١ ه (١٤٣٧ م ـ ١٤٣٨ م) وكانت مدة ملكة ١٦ سنه وجاء فى نخبة التواريخ أن جهانكير شاه قتل بنفسه قباد الفاتك بأبيه ليعاقبه على ما جنت يداه. ولا سيما لأن فى قتله منفعة عظيمة لنفسه.
لما تبوأ جهانكير شاه عرش المملكة قبض أيضا على أعنة بلاد ديار بكر وآذربيجان مدة أثنتى عشر سنة بمقام نائب عن شاه رخ بن تيمور. ولما قضى نحبه الشاه رخ سنة ٨٥٠ ه (١٤٤٦ م) استقل حينئذ جهانكير بالملك أتم الإستقلال وبقى مدة ٣٢ سنة سيدا مستبدا مادام صولجان ملكه على بلاد ديار بكر وآذربيجان وبغداد والبصرة وفارس وكرمان وليس من مناوى يناوئه.
فى سنة ٨٥٤ ه (١٤٥٠ م) فاضت دجلة فيضا فاحشا وأمتلأ الخندق المحيط ببغداد فحصر أهل المدينة حصر أهل الحرب لهم. اندفعت المياه فغرقت الزوراء وتهدمت دور كثيرة وكان أهل المدينة يستغيثون بالله صباح مساء ويكثرون من الصلاة والتردد إلى المعابد والمساجد. ولم يسمع الله فى المدينة حديث آخر إلا حديث الماء انكسار الأسداد ودخول المياه فى بيت فلان وفلان أو فى المحلة الفلانية والفلانية وجامع هذا الصوب. وكثيرون من الناس ماتوا تحت الهدم الردم. ومن لم يمت كان يرتبط مع من يجاوزة من أهل محلته لينجوا من الغرق البيوت التى لم تدخلها الماء. وكانت مياه دجلة قد علت المدينة ودويها يفعل فى المسامع ما تفعله آلت الجذب فى أيام المعامع. إلا أن هذه الحالة لم تدم أياما طويلة فإن ربك رحيم بعباده فرأف بهم وأخذت لمحمة السيل تغتر شيئا فشيئا حتى خمدت شدتها. بيد أن الأهالى كانوا يتخوفون من عاقبة المياه المستنقعة ووحامة بقائها فى مواطنها حتى أخذوا يتشاءمون بفتك الطاعون عن قريب. ولم يحقق سوء الظن هذا فى بغداد وأن كان يتفك يومئذ فى بلاد الكرج.