بمحاذاة جبل الواحات ومدينة أسوان ويتجه بشكل مستقيم نحو الشمال. ويقطع جميع بلاد مصر ويمر بأخميم والفيوم والفسطاط ، ثم يقع فى بحيرة تنيس (١).
__________________
(١) هذا النص عن نهر النيل منقول بأسره ـ وإن كان بشكل مختصر ـ عن جغرافيا لبطلميوس. وقد نقله بحذافيره حافظ أبرو (ص ١٣٨ ـ ١٤٠) وأضاف عليه. والنص يضطرب أحيانا بفعل الترجمة غير الدقيقة أو بفعل الإضافات ، لكنه بصورة عامة موجود لدى الخوارزمى (صورة الأرض ، ١٠٦ ـ ١٠٩). وهو أكثر وضوحا لدى سهراب (عجائب الأقاليم ، ١٣٨ ـ ١٤٣) وهو يبدأ ـ كما هو الأمر هنا ـ بالشكل التالى : " إن أول نيل مصر من جبل القمر يخرج منه عشرة أنهار وتصب إلى بطيحتين مدورتين". ويقول المؤرخ أورسيوس الذي نشر كتابه سنة ٤١٧ ـ ٤١٨ م الذي أسهب فى وصف النيل : " وإقبال النيل من أرض الحبشة ليس يختلف فيه أحد" وكان قد قال : " نهر النيل وهو الذي باون : مخرجه خفى ، ولكنه ظاهر إقباله من أرض الحبشة" (ص ٧٩ ، ٨١). وقوله" مخرجه خفى" دال على أنه لا يتابع بطلميوس تماما بهذا الشأن. ذلك أن نظرية خروجه من جبل القمر نظرية بطلميوسية ظل صداها يتردد قرونا فى كتب الجغرافيا الإسلامية. وقال ابن الفقيه (البلدان ، ١٢٠) : " وقال بعضهم : النيل يخرج من خلف خط الاستواء من بحيرتين يقال لهما بحيرتا النيل ، وهو يطيف أرض الحبشة". ومع ذلك فقد عزا هيرودوتس إلى من دعاه بمترجم الكتابة الهير وغليفية بهيكل مينرفا بمدينة صامن البلاد المصرية معرفة منبع النيل معرفة أكيدة حيث قال : " إنه ما بين أسوان من الصعيد واليفنتين كان جبلان شامخا القنن الواحد اسمه كروفى والثانى موفى. فينابيع النيل التى هى لجج عميقة تخرج من وسط هذين الجبلين. ونصف مياهها تجرى فى مصر إلى جهة الشمال ، والنصف الآخر بأرض الحبشة إلى جهة الجنوب" (تاريخ هيرودوتس ، ١ / ١٩٩). وننقل هنا التلخيص الدقيق الذي عرضه العالم العراقى الراحل الدكتور أحمد سوسة عن منابع النيل كما هى لدى الشريف الإدريسى فقال : " رسم الإدريسى على خارطاته جبل القمر الذي يقابل ما يعرف اليوم ب (جبل كليمنجارو). وكان رأيه أن النيل ينبع من هذا الجبل ، فذكر عنده كلمتى (نبع النيل) ، كما أنه رسم ثلاث بحيرات متصلة عند المنبع كالتى اكتشفها أهل التمدن الحديث. الغربية منها سماها البطيحة الصغرى ، والوسطى البطيحة الكبرى. وقد أطلق على البحيرة الشرقية اسم البطيحة الصغرى كالأولى. ويقابل البطيحة الكبرى ما يعرف اليوم ببحيرة فكتوريا. كما يقابل البطيحة الصغيرة الغربية ما يسمى اليوم ببحيرة ألبرت. ويقابل البطيحة الصغرى الشرقية ما يسمى اليوم ببحيرة كيوجا. وهذه قريبة جدا من وصف الخوارزمى كما ورد فى خارطته". ثم نقل بعد ذلك كلام جرجى زيدان بهذا الشأن وهو" يؤخذ من خارطة محفوظة فى متحف سان مارتين بفرنسا أن الإدريسى كان على بينة من حقيقة منابع النيل فصورها بحيرات عند خط الاستواء كالتى اكتشفها أهل هذا التمدن فى القرن الماضى ، نعنى : فكتوريا نيانزا ، وألبرت نيانزا. رسمها الإدريسى قبلهم بمئات السنين". كما نقل رأى الأستاذ عباس محمود العقاد وهو : " ولا يعرف أن أحدا سبق الإدريسى إلى بيان الحقيقة عن منابع النيل العليا كما حفظت فى الخرائط التى بقيت فى بعض المتاحف الأوروبية ومنها خريطة محفوظة بمتحف سان مارتين الفرنسى ترسم النيل آتيا من بحيرات إلى جنوب خط ـ