٥٠ ـ القول في بلاد الخزر
بلاد شرقيها الحائط الذي بين الجبل والبحر ، ثم البحر ثم جزء من نهر أتل ؛ وجنوبيها بلاد السرير ؛ وغربيها جبل ؛ وشماليها براذاس وونندر (١).
وهي بلاد ذات نعم وفيرة ، عامرة ذات تجارات واسعة ، ترتفع منها الثيران والخراف والرقيق بكثرة.
١ ـ أتل : مدينة يمر نهر أتل من وسطها ، وهي قصبة بلاد الخزر ومستقر الملك الذي يدعى طرخان خاقان (٢) ، وهو من أولاد أنسا ، يقيم في النصف الغربي من المدينة مع جيشه ،
__________________
(١) الخزر : شعب من أصل تركى بسط نفوذه على منطقة شملت بحر قزوين (بحر الخزر) والقرم والسهوب بين نهرى الدون والدنيبر ، قضى أمير كييف الأمير سفياتوسلاف على دولتهم حوالى ٩٦٥ م ودمر عاصمتهم إتل. عن موقعهم الجغرافى المتميز هذا يقول الباحث المرموق كوستلر : " كانت القوتان الشرقيتان العظميان [البيزنطية والإسلامية] تواجه إحداهما الأخرى ، وقد قامت [دولة الخزر] بدورها كعازل يحمى بيزنطة من الغارات الجامحة لقبائل الإستبس الشمالية : البلغار والمجر والبجناك وغيرها ، ثم من الفايكنغ والروس ... ثم إن جيوش الخزر نجحت فى إيقاف الاجتياح العربى فى أكثر مراحله المبكرة تدميرا [على حد تعبير كوستلر] ، وهكذا فقد حالت دون الانتصار الإسلامى على أوروبا الشرقية" (إمبراطورية الخزر وميراثها ، ١٨). المعلومات الموجودة لدى الكرديزى (زين الأخبار ، ٥٨٠ ـ ٥٨٢) مع ما لدى ابن رسته (الأعلاق النفيسة ، ١٣٩ ـ ١٤٠) تتطابق حرفيا فيما بينها سوى أن الكرديزى أضاف فى آخر كلامه عنهم إضافة تتعلق بكيفية إقامتهم معسكرهم خلال السفر من خلال تثبيتهم أوتاد الطرفاء التى يحملونها معهم والتروس فى الأرض ، وهى المعلومة التى نجدها أيضا فى طبائع الحيوان (ص ٢١). تمتاز معلومات ابن فضلان (ص ١٦٩ ـ ١٧٢) بكونها صادرة عن تجربة شخصية عاشها بينهم. وما ذكره الإدريسى عنهم (نزهة المشتاق ، ٢ / ٨٣٤ ـ ٨٣٥) هو تلخيص لما عند الإصطخرى (مسالك الممالك ، ٢٢٠ ـ ٢٢٣). ولدى المسعودى (مروج الذهب ، ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠٣) معلومات عامة عنهم. أهم ما كان يؤتى به من بلادهم إلى الحواضر الإسلامية : الرقيق الذي كان ينحدر به تجار الرقيق فى نهر الفرات إلى بغداد ، والأسنّة (ابن الفقيه ، ١٠٨ ، ٣٣٠) ، ويشير الجاحظ فى كتاب" التبصر فى التجارة" إلى فرو السنجاب الخزرى ، وفرو الثعالب السود الخزرية الغليظ الشعر الذي لا يغش بصبغ ثم الأحمر الخزرى ، وفى باب ما يجلب من البلدان قال : ومن الخزر : العبيد والإماء والدروع والبيضات والمغافر (ص ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٤٢) ؛ ولدى الإصطخرى تفاصيل مهمة أخرى عن منتوجات هذه البلاد (انظر : ٢٢٣ ـ ٢٢٤).
(٢) إن ما فى رسالة ابن فضلان (ص ١٦٩ ـ ١٧٠) هو أن ملكهم يقال له خاقان الكبير ، ويقال لخليفته خاقان به ، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ، ويخلف هذا أيضا ـ