الذي تستحقه ويقتضيه جرمها وعظمها ، ولو لم يضف لصدق على كل قدر من الزلزال وإن قل ؛ والفرق بين أكرمت زيدا كرامة وكرامته واضح. وقرأ الجمهور : (زِلْزالَها) بكسر الزاي ؛ والجحدري وعيسى : بفتحها. قال ابن عطية : وهو مصدر كالوسواس. وقال الزمخشري : المكسور مصدر ، والمفتوح اسم ، وليس في الأبنية فعلال بالفتح إلا في المضاعف ، انتهى. أما قوله : والمفتوح اسم ، فجعله غيره مصدرا جاء على فعلال بالفتح. ثم قيل : قد يجيء بمعنى اسم الفاعل ، فتقول : فضفاض في معنى مفضفض ، وصلصال : في معنى مصلصل. وأما قوله : وليس في الأبنية إلخ ؛ فقد وجد فيها فعلال بالفتح من غير المضاعف ، قالوا : ناقة بها خزعان بفتح الخاء وليس بمضاعف.
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) : جعل ما في بطنها أثقالا. وقال النقاش والزجاج والقاضي منذر بن سعيد : أثقالها : كنوزها وموتاها. ورد بأن الكنوز إنما تخرج وقت الدجال ، لا يوم القيامة ، وقائل ذلك يقول : هو الزلزال يكون في الدنيا ، وهو من أشراط الساعة ، وزلزال : يوم القيامة ، كقوله : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) (١) ، فلا يرد عليه بذلك ، إذ قد أخذ الزلزال عاما باعتبار وقتيه. ففي الأول أخرجت كنوزها ، وفي الثاني أخرجت موتاها ، وصدقت أنها زلزلت زلزالها وأخرجت أثقالها. وقيل أثقالها كنوزها ومنه قوله تلقى الأرض افلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة. وقال ابن عباس : موتاها ، وهو إشارة إلى البعث وذلك عند النفخة الثانية ، فهو زلزال يوم القيامة ، لا الزلزال الذي هو من الأشراط.
(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) : يعني معنى التعجب لما يرى من الهول ، والظاهر عموم الإنسان. وقيل : ذلك الكافر لأنه يرى ما لم يقع في ظنه قط ولا صدقة ، والمؤمن ، وإن كان مؤمنا بالبعث ، فإنه استهول المرأى. وفي الحديث : «ليس الخبر كالعيان». قال الجمهور : الإنسان هو الكافر يرى ما لم يظن. (يَوْمَئِذٍ) : أي يوم إذ زلزلت وأخرجت تحدث ، ويومئذ بدل من إذا ، فيعمل فيه لفظ العامل في المبدل منه ، أو المكرر على الخلاف في العامل في البدل. (تُحَدِّثُ أَخْبارَها) : الظاهر أنه تحديث وكلام حقيقة بأن يخلق فيها حياة وإدراكا ، فتشهد بما عمل عليها من صالح أو فاسد ، وهو قول ابن مسعود والثوري وغيرهما. ويشهد له ما جاء في الحديث : «بأنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة» ، وما جاء في الترمذي عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قرأ هذه الآية ثم قال : «أتدرون ما
__________________
(١) سورة النازعات : ٧٩ / ٦ ـ ٧.