عملنا في التحقيق
ذكرنا من قبل أن
هذا التحقيق اعتمد على ثلاث نسخ خطية ، واستبعاد نسخة رابعة لما بيناه في مكانه من
هذه المقدمة. وكنا بدأنا العمل وأنهيناه معتمدين على هذه النسخ ، دون المطبوعات
المتباينة في الجودة والدقة. ثم اقترح علينا الأخ عبد الرحمن الشقير مقارنة العمل
بنص مطبوعة دارة الملك عبد العزيز لعدة أسباب ، منها : سعة انتشارها ، وثقة
الباحثين فيها ، وقلة أخطائها مقارنة بغيرها من الطبعات ؛ فاستحسنت هذا ، وظهر لي
بالمقابلة أن نص طبعة الدارة يكاد يكون مطابقا لنص النسخة المخرومة ، الموصوفة
آنفا. وأما ما أشار إليه المحقق ، رحمهالله ، من أن طبعة الدارة اعتمدت على نسخة التحف البريطاني ،
فقد ثبت لنا بالمقابلة أنه غير صحيح ، لا في السوابق التي ننشرها ، ولا في التاريخ
، الذي قطعنا في تحقيقه كاملا شوطا كبيرا. لقد جعلنا النسخة (أ) أصلا لنشرتنا هذه
، وغيرها مكملا لها ، وأشرنا في الحواشي إلى الاختلاف بين النسخ الثلاث ، وبين
مطبوعة الدارة ، وتجاوزنا خشية الإطالة بعض الفروق ، التي نعلم أنها لا تعني
الباحث في شيء مثل الفرق بين : فقال ، وقال ، كما تجاوزنا عن كثير من الأخطاء
الإملائية ، والمطبعية ، وأخطاء السقط والإضافة ، ولو أننا أثبتنا ذلك كله لتضخمت
حواشي الكتاب بلا فائدة ترجى. وحرصنا قدر المستطاع ، كما أسلفنا ، وفي ضوء المصادر
المتاحة ، على إرجاع كل نص إلى مصدره ، لكي يتسنى للقارئ معرفة المصادر التي كان
ابن بشر ينقل عنها ، ولم يشر إليها ، كما جرت العادة عند مؤلفي ذلك الزمان. لقد
صححنا في ثنايا التحقيق بعض الأخبار ، وأوردنا الروايات المختلفة فيها ،