وأقيمت الصلوات ،
وأديت الزكوات في جميع هذه الجزيرة ، على الوجه المشروع بالآيات والأحاديث الشهيرة
، وقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل كبير وصغير ، وشريف
وحقير ، وأمنت السبل حتى طار صيتهم في الأقطار ، وملأت هيبتهم قلوب السلاطين
والملوك الكبار ، وصارت نجد بهم مشرقة منيرة ، كأنها شمس الظهيرة.
أما السنون التي
سبقت قبلهم فغلب فيها الإشراك والضلال والجهل والظلم ، وفتن كقطع
الليل المظلم ، وقتال بين أهل كل بلد عدوانا وحمية جاهلية ، وتحالف وتفازع وعصبية
، وكل بلد فيها رئيسين فأكثر ، لا يزال يقع بينهم الشر ، فهم في أيامهم في
طغيانهم يعمهون ، تارة يتقاتلون وتارة يتسالمون ، فلا يسافر ذو الحاجة فرسخا أو
ميلا ، إلا كاد أن يرجع مسلوبا أو قتيلا ، فناسب وضع هذه السنين الشريرة تحت هذه
السنين المنيرة ، فإن الأشياء لا تعرف إلا بأضدادها. والله تعالى هو موفقها
لصلاحها ، والقاضي عليها بفسادها.
اللهم يا عظيم يا
جليل اهدنا سواء السبيل ، وأصلح فساد قلوبنا ، واغفر لنا ذنوبنا ، إنك أنت الغفور
الرحيم ، اللهم آمين.
__________________