__________________
صيته في الآفاق وانعقد على فضله الوفاق وانتهت إليه رياسة [رئاسة] العلم بالبلد الأمين وصار منتجع الوافدين والآمين منه تقتبس أنوار الفنون وعنه توخذ أحكام المفروض والمسنون وما سمى علم إلّا وله القدح المعلى والمورد العذب المحلى ، إمام علم الحديث فقد جمع فيه بين الرواية والدراية ورفع الجيش أحزابه أرفع راية فاستوعبت قماطيره بين مقروء ومسموع ، وجمع شوارده جمعا هو في الحقيقة منتهى الجموع قصدته فيه علماء الأمصار وبهر في تقريره منهم الأسماع والأبصار. فألف فيه وصنف وقرطق السامع به وشنف وله في صحيح البخاري شرح سار سير الأمثال وعزّ أن يلقى له في الشروح مثال لكن ضاق له الوقت عن إكماله وما أودعه فيه من الدقائق شاهد صدق على كماله سماه «ضياء الساري» فوافق هذا الاسم عام الشروح في تأليفه وهو سنة ثلاثة عشر وماية وألف. وأما علم التفسير فهو كشاف قناع ما في كتاب الله عزوجل من آيات محكمات وأخر متشابهات ، وأما علم الفقه فهو مفرد أئمته وتحرير مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضياللهعنه ، وثاني إمام الحرمين وثالث الشيخين النووي والرافعي ، وأما علم العربية فهو رابع سيبويه وابن مالك وأبو حيان ، وأما علم المعاني والبيان فهو العد المشار إليه بالبنان ، وأما علم اللغة فهو قاموسها بالصحاح ، ونهايتها بالإيضاح ، وأما بقية العلوم فهو جذيلها المحكك ، وعذيقها الموجب العمل فيها يده ولسانه ، وضميره المحجب. قد قرأ البخاري سنة ثمانية عشر ومائة وألف في الكعبة المشرفة وكان بداخلها عماره وقد أقراه بجوف الكعبة مرة أخرى سنة تسعة عشر ومائة وألف. وقد أمر السلطان بتجديد بابها. وقد أقرأ مسند الإمام أحمد بن حنبل رضياللهعنه في الروضة الشريفة عند رأس النبي صلىاللهعليهوسلم وترقى ومجد وكرهم في ست وخمسين مجلسا سنة ١١٣ ه «١» ، أخذ عن جملة من المشايخ ممن لهم من العلوم القدم الراسخ منها [الصحيح : منهم] ضياء الدين الشيخ محمد البابلي والشيخ عيسى المغربي الجعفري الثعلبي والقاضي تاج الدين اللجي والشيخ علي بن الجمال الإخباري ، والشيخ عبد الله باقر والشيخ إبراهيم باغريب ، والشيخ محمد بن سليمان المغربي ، والشيخ ـ
__________________
(١) المقصود سنة ١١١٣ ه.