مخبرا ، وشفى الظّماء موردا ومصدرا ، يشتهي الناظر [١٤ / آ] إليه ـ وهو ريّان ـ الشّروع ، ويقول : لورشّ (١) به لأفاق المصروع ، كأنّ حصباءه (٢) جمان (٣) والماء من رقّته دموع ؛ وبها جامع مليح عجيب ، يدعو الشّوق من رآه فيجيب ، ولكنّ الزّمان قد عوّضه من حليّ عطلا ، (٤) وأدّى له من حكمة خطلا (٥) ، وأبدل هالته السّها من تلك الأقمار ، وكساه بعد الحبر (٦) الأظمار ، (٧) وأحلّ حلاله بعد الأنس بأنسها وحشة العمار ؛ فلو صرّحت في الجوى بالجواب ، وأفصحت عن (٨) وقوع النوى بالنّوائب النّواب ، لأنشدت (٩) باستعجال ، وقالت (١٠) بارتجال : [الطويل]
شباب لدى عهد الشّبيبة قد عسا |
|
أعلّل فيه النّفس علّي أو عسى (١١) |
لعلّ ربوعا من حلاها عواريا |
|
تعود لها تلك المفاخر ملبسا |
لعلّ نجوما كنت هالة بدرها |
|
ستجلو ظلاما حلّ أفقي فألبسا |
لعلّ انتظام الشّمل يرجع ثانيا |
|
ويعطف بالإحسان دهر بنا أسا |
__________________
(١) في ت : رقي.
(٢) الحصباء : الحصى.
(٣) الجمان : حبّ يتّخذ من الفضة ، أمثال اللؤلؤ.
(٤) عطلت المرأة : إذا لم يكن عليها حليّ ، ولم تلبس الزينة ، وخلا جيدها من القلائد.
(٥) الخطل : الكلام الفاسد الكثير المضطرب.
(٦) الحبر والحبر : الحسن البهاء.
(٧) الأطمار : جمع طمر ؛ وهو الثوب الخلق.
(٨) في ت : على.
(٩) في ت : لشدت باستحال.
(١٠) ـ في ت : وأنشدت.
(١١) ـ عسا : كبر.