بالخبث هنا المصدر من خبث ، تفاوت نسق الكلام ، واضطرب منه نظام الانتظام ، كما لو قيل : أعوذ بالله من أن أكون خبيثا ، ومن إناث الشّياطين ، وسماجة (١) هذا الوصف ممّا لا يخفى ، وإن أريد بالخبث جمع خبيث ، وخفّف الخبث بالضمّ كما زعم الشّيخ هنا وجب أن يمنع لأنّ التّخفيف إنّما يطرّد فيما لا يلتبس مثل : عنق وأذن من المفرد ، ورسل وسبل ونذر من الجمع ، ولا يطرّد فيما يلتبس مثل : حمر وحصر فإنّ التّخفيف في حمر يلتبس بجمع أحمر وحمراء ، وفي الحصر بالمفرد. والحصر : احتباس النّجو ، (٢) ولذلك قريء في السّبع : رسلنا ، وسبلنا ، ونذرا ، و (الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ)(٣) ، كلّ ذلك بالتّخفيف ، ولم يقرأ في السّبع (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ)(٤) إلّا بضمّ الميم. فكذلك ينبغي ألّا يخفّف الخبث إلّا مسموعا من العرب [٧٦ / آ] لئلّا يلتبس بالمصدر ؛ ومن هذا امتناعهم من إدغام ما يلتبس إدغامه نحو : وتد ، وعتد ، وشاة زنماء وادغموا في همّرش وامّحى لمّا (٥) أمنوا اللّبس. والإدغام وجه من التّخفيف ، فهم كما ترى لا يخفّفون إلّا حيث يأمنون اللّبس وهو هنا غير مأمون. ألا ترى أنّ أبا عبيد القاسم بن سلّام ، على إمامته ، قد فسّر الخبث هنا بالشّرّ لمّا رواه بإسكان الباء (٦) ، والصّواب ضمّها كما قال أبو سليمان رحمهالله.
وحدّثني إملاء بلفظه من كتابه ، قال : أنا الحافظ أبو البقاء خالد بن يوسف بن سعد (٧) النّابلسيّ بدمشق ، عن الحافظ ابن الحافظ أبي محمّد
__________________
(١) السّماجة : القبح.
(٢) النّجو : العذرة.
(٣) سورة المائدة ٤٥.
(٤) سورة المدثّر ٥٠.
(٥) في الأصل كما وهو تصحيف.
(٦) غريب الحديث ٢ / ١٩٢.
(٧) في ت وط : سعيد. والصواب ما أثبتناه ، انظر طبقات الحافظ للسيوطي ٥٠٧.