نعم ، الحكمة الإلهية اقتضت أن تكون معاجز الأنبياء مناسبة للفنون الرائجة في عصورهم حتى يتسنّى لخبراء كلّ فنٍّ تشخيص المعاجز وإدراك استنادها إلى القدرة الغيبية ، وتميّزها عن الأعمال الباهرة المستندة إلى العلوم والفنون الرائجة.
الجهة الثانية من حيث الأهداف والغايات ، فإنّ أصحاب المعاجز يتبنّون أهدافاً عالية ويتوسّلون بمعاجزهم لإثبات حقّانية تلك الأهداف ونشرها ، وهي تتمثّل في الدعوة إلى الله تعالى وحده وتخليص الإنسان عبوديّة الأصنام والحجارة والحيوانات والدعوة إلى الفضائل ونبذ الرذائل ، واستقرار نظام العدل الاجتماعي وغير ذلك ، كما أنّ أصحاب الكرامات أيضاً لا يتبنّون إلّا ما يكون موافقاً لرضى الله سبحانه لا غير.
وهذا بخلاف المرتاضين والسّحرة ، فغايتهم إمّا كسب الشهرة والسّمعة بين الناس ، أو جمع المال والثروة ، وغير ذلك ممّا يناسب متطلّبات القوى البهيميّة.
الجهة الثالثة من حيث التقيّد بالقيم الأخلاقية ، فإنّ أصحاب المعاجز والكرامات ـ باعتبار كونهم خرّيجي المدرسة الإلهيّة ـ متحلّون بأكمل الفضائل والأخلاق الإنسانيّة ، والمتصفّح لسيرتهم لا يجد فيها أيّ عمل مشين ومناف للعفّة ومكارم الأخلاق ، وأمّا أصحاب الرّياضة والسّحر ، فهم دونهم في ذلك ، بل تراهم غالباً فارغين عن المثل والفضائل والقيم.