يقال له سندر ، فوجده يقبّل جارية له ، فجبّه وجدع أذنيه وأنفه ، فأتى سندر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل إلى زنباع ، فقال : لا تحملوهم ما لا تطيقون (١) ، وأطعموهم مما تأكلون ، واكسوهم مما تلبسون ؛ فإن رضيتم فأمسكوا ، وإن كرهتموهم فبيعوا ، ولا تعذّبوا خلق الله ، ومن مثل به أو أحرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله. فأعتق سندر ، فقال : أوص بى يا رسول الله ، قال : أوصى بك كلّ مسلم ، فلما توفّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتى سندر إلى أبى بكر الصدّيق رضى الله عنه ، فقال : احفظ فىّ وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فعاله أبو بكر حتى توفّى ، ثم أتى عمر فقال له : احفظ فىّ وصيّة النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : نعم ، إن رضيت أن تقيم عندى أجريت عليك ما كان يجرى عليك أبو بكر ، والّا فانظر أىّ المواضع أكتب لك ؛ فقال سندر : مصر فإنها أرض ريف ، فكتب له إلى عمرو بن العاص : احفظ فيه وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فلما قدم على عمرو ، قطع له أرضا واسعة ودارا ، فجعل سندر يعيش فيها ، فلما مات قبضت فى مال الله*).
قال عمرو بن شعيب : ثم أقطعها عبد العزيز بن مروان الأصبغ بعد ، فهى من خير أموالهم.
وروى ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن ربيعة بن لقيط التجيبى ، عن عبد الله بن سندر ، عن أبيه إنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامى ، فعتب عليه فخصاه وجدعه ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فأغلظ لزنباع القول وأعتقه منه ، فقال : أوص بى يا رسول الله ، قال : أوصى بك كل مسلم (٢). قال يزيد : وكان سندر كافرا.
حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبى حبيب ، أن غلاما لزنباع الجذامى اتّهمه فأمر بإخصائه وجدع أنفه وأذنيه ، فأتى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأعتقه ، وقال : أيّما مملوك مثل به فهو حرّ وهو مولى الله ورسوله ، فكان بالمدينة عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرفق به ، فلما اشتدّ مرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له ابن سندر : يا رسول الله ، إنّا كما ترى ، فمن لنا بعدك؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أوصى بك كل مؤمن.
فلما ولى أبو بكر رضى الله عنه فأقّر عليه نفقته حتى مات ، فلما ولى عمر بن
__________________
ق ٢ ص ١٩٦ ـ ١٩٧.
(١) ك : «ما لا يطيقون».
(٢) ابن عساكر فى كنز برقم ٤٠٢٣٠.