الأخبار حدوث
تخلخل في القوات المنوّعة الشعبية التي كانت تدافع عن بغداد ، ودام الحصار أكثر من
سنة لم يستطع جيش طاهر بن الحسين التغلب على مقاومة أهل بغداد واختراق دفاعاتهم ،
وظلّت المعارك الرئيسية في الأطراف الشمالية والغربية من المدينة المدوّرة ، ولم
يفلح طاهر بن الحسين في ضعضعتهم إلّا بعد أن عمد إلى الحصار الاقتصادي فمنع المسير
عنها ، مما أضرّ مصالح تجار الكرخ الذين لم يؤيدوه قبل ذلك.
ولما قتل الأمين
وانهارت مقاومة أهل بغداد وصفت الخلافة للمأمون ، ولي إدارة العراق الحسن بن سهل
أخو الفضل. ولم يرفض أهل بغداد خلافة المأمون ، إلا أنهم لم يؤيدوها بمن فيهم
بقايا «الخراسانية» في بغداد ، وكان سلطان المأمون على بغداد ضعيفا وظهرت حركات
شعبية معارضة فيها ، وتمردت في أطرافها ، أبرزها حركة الرويبضة وعلى رأسهم خالد بن
درويش ، وسهل بن سلامة .
ثم استدعى المأمون
علي الرضا من المدينة إلى مرو وجعله وليّ عهد المسلمين والخليفة من بعده ، فكان في هذا إخراج سلمي مصمّم للخلافة من البيت العباسي
، وهو قد يشير إلى نقل دائم لها إلى العلويين ، كما أنه تم في مرو ، وليس في
بغداد. ولم يؤيد علي الرضا المأمون في اندفاعه بمتابعة التقاليد الساسانية
المتجلية بجعله لباس الخضرة مكان السواد ، ودفعه إلى التخلص من نفوذ الفضل بن سهل
وتوجهاته الفارسية ، ونصحه بالعودة إلى بغداد دار خلافة آبائه وملكهم ليتوسط
سلطانه ويشرف على أطرافه .
إلا أن آثار هذا
التوجيه جاء متأخرا ، وقد ظهر الاستياء من المأمون في بغداد واضحا بعد بيعة علي
الرضا بالعهد ، وكان الاستياء أوضح عند
__________________