والواقع ان بطارقة
ارمينية كانوا شبه مستقلين في اماراتهم. فاذا قدم عليهم وال داروه فان رأوا منه
عفة وصرامة وكان في قوة وعدة اذعنوا له بالطاعة وأدوا الخراج ، والا طمعوا فيه
واستخفوا بأمره . كما ان القسوة المتناهية التي كان يلجأ اليها قواد
الحملات العسكرية التي توجه لاخضاع العصاة كاحراق المدن والامعان في تقتيل السكان
وسبيهم ، كانت تولد رد فعل لدى سكان تلك المناطق فيزدادون بغضا للسلطة وبعدا عنها
، ويبادرون الى مناصرة كل من يناهضها ، انتقاما لما أصابهم. ولذلك يلاحظ ان حركات
التمرد في المناطق المذكورة قلت كثيرا وكادت تتلاشى عند ما شغلت الدولة بمقاومة
حركة الزنج ، اذ انصرفت بكل جهودها للقضاء عليها. مما ترك للبطارقة الحرية الكاملة
في ادارة شؤونهم ، ولذا لم يكن ثمة ما يدعوهم الى التمرد والعصيان.
٧ ـ فتن الخوارج :
كان جمهور الخوارج
بدوا تغلب عليهم نزعة المساواة ، ولذا لم يختصوا قبيلة أو فخذا بالخلافة ، بل
قالوا بترشيح كل مسلم لها ، وان يختار لها أفضل الناس بانتخاب الامة كافة . ويذكر الشهرستاني ان عدد فرقهم الرئيسة ثمانية ، وقد
تشعبت بحيث أصبحت خمسا وعشرين فرقة ، يجمعها كلها وجوب الخروج على الامام اذا غير
السيرة وعدل عن الحق . وهم لا يقرون مبدأ الوراثة أو التفويض ولذلك اعتبروا
الخلفاء الامويين جائرين يجب الخروج عليهم ، لانهم لم تختارهم الامة.
وكان رأي الخوارج
في الخلفاء العباسيين لا يختلف عن رأيهم في الخلفاء الامويين ، فانهم لا يرونهم
صالحين للخلافة لانهم لم
__________________