الالحان التي صنعها من اشعاره التي نظمها ولحنها بنفسه ، وعددها خمسة عشر صوتا. ويقول انه كان أعلم الخلفاء بالغناء ، وبلغت صنعته مائة صوت ، كما كان أحذق من غنى بضرب العود (١). وكانت عريب أشهر واحذق مغنيات عصرها تكايده في ألحانه ، ومع ذلك قالت : صنع الواثق بالله مائة صوت ما فيها صوت ساقط (٢).
وقد اعتاد الواثق بالله ان يستطلع رأي نديمه اسحاق الموصلي في الالحان التي يصنعها ، بعد ان ينسبها الى غيره ، وذلك قبل ان يظهرها. وكان اسحاق يأخذ نفسه في ذلك بقول الحق أشد أخذ (٣). فاذا رأى اللحن جيدا امتدحه واوصى باظهاره ، وان كان فاسدا أو متوسطا ذكر ما فيه من مآخذ. فاذا كان للواثق بالله رغبة بذلك اللحن عمل على تقويمه واصلاح فساده ، والا تركه حسبما يوصي اسحاق بشأنه. كما اعتاد الواثق بالله ان يقلد بعض أصوات اسحاق. وقد سئل اسحاق أي اللحنين أجود في «خليلي عوجا» لحنه أم لحن الواثق بالله ، فقال : لحني أجود قسمة وأكثر عملا ، ولحن الواثق بالله أطرب لانه جعل ردته من نفس قسمته وليس يقدر على أدائه الا متمكن من نفسه (٤).
وكثيرا ما كان الواثق بالله يجمع بعض غلمانه ممن يتوسم فيهم جمال الصوت وحسن الاداء ، ويدربهم على انشاد الاصوات التي يصنعها. قال احد غلمانه : دعا بنا الواثق بالله مع صلاة الغداة فقال : هذا صوت خذوه ، ونحن عشرون غلاما كلنا يغني ويضرب ، ثم ألقي علينا :
__________________
(٥٦) نفس المصدر ٩ / ٢٩٣.
(٥٧) نفس المصدر ٩ / ٢٧٧.
(٥٨) نفس المصدر ٩ / ٢٨٧.
(٥٩) نفس المصدر ٥ / ٣٦٤.