نفس القبر ، فأنّ
بناء القبّة وجدرانها بعيدة عن القبر ، ليس بناءً على القبر على الحقيقة ، وإنّما
هو نوع من المجاز ، وحمل اللفظ على الحقيقة حيث لا صارف عنها معيّن ، مع أنّ النهي
عن الوطء يؤكّد هذا المعنى ، لا الذي فهموه من الرواية.
وأمّا الاستدلال على وجوب هدم القباب
بحديث أبي الهيّاج ، فغير تامٍّ في نفسه ـ مع قطع النظر عن مخالفته للإجماع والسيرة
ـ لوجوه :
*
الأَوّل : إنّ الحديث مضطرب
المتن والسند.
فتارة يذكرعن أبي الهيّاج أنّه قال : « قال
لي عليُّ » كما في رواية أحمد عن عبدالرحمن.
وتارة يذكر عن أبي وائل ، أنّ عليّاً
قال لأبي الهيّاج.
ورواه عبدالله بن أحمد في « مسند علي »
هكذا : « لأبعثنّك فيما بعثني فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أنْ أُسوّي
كلّ قبر ، وأنْ أطمس كلّ صنم ».
فالاضطراب المزبور يسقطه عن الحجّيّة
والاعتبار.
* الثاني : إنّه
من الواضح أنّ المأمور به في الرواية لم يكن هدم جميع قبور العالم ، بل الحديث
وارد في بعث خاصّ وواقعة مخصوصة ، فلعلّ البعث قد كان إلى قبور المشركين لطمس آثار
الجاهلية ـ كما يؤيِّده ذكر الصنم ـ أو إلى غيرها ممّا لا نعرف وجه مصلحتها ، فكيف
يتمسّك بمثل هذه الرواية لقبور الأنبياء والأولياء؟!
__________________