وخرج الملك الصّالح للقائه بنفسه ، فالتقاه قريب «القلعة» ، واعتنقه ، وضمّه إليه ، وبكى ، ثم أمره بالعود إلى القلعة فعاد ، وسار هو ، فنزل «بعين المباركة» (١) ، وأقام بها مدّة وعسكر حلب تخرج إلى خدمته في كلّ يوم ، وصعد إلى قلعة حلب جريدة ، وأكل فيها شيئا ، ونزل ، وسار منها إلى «تلّ السّلطان» (٢) ، ومعه عسكر حلب ، مضافا إلى العساكر الواصلة معه.
وخرج رجل ادّعى أنّه المنتظر ، وادّعى النبوّة «بجبل ليلون» (٣) ، واستغوى أهل تلك النّاحية ، وأظهر لهم زخارف ، ومحالا ، وقال لهم : «إذا جاء العسكر إليكم ، فسوف أرميهم بكفّ من تراب فأهلكهم». وأغاروا على «تركمان» «بجبل سمعان» وكان مقيما بأتباعه «بكفرند» ، فخرج «طمان» من العسكر ، وسعد الدّين كمشتكين بجماعة من العسكر ، ووصلوا إليهم ، فجعل أتباعه يصيحون ؛ «وعدك يا مولانا»! والسّيف يعمل فيهم ، فألقى التراب ، فزحف إليه العسكر ، وقتل الرجال وسبى النساء ، والتجأ جماعة إلى المغاير ، فاستخرجوهم ولم يبقوا إلّا على من أسلم منهم ، ودخّنوا على جماعة في المغاير ، فماتوا ، ثم عاد العسكر إلى «تلّ السّلطان» ، بعد أن قتل وصلب (٤).
__________________
(١) من منتزهات حلب المشهورة. انظر تاريخ حلب لابن الشحنة ـ ط. طوكيو ١٩٩٠ ص ١٣٢ ، ٢٤٥ ، ٢٤٧.
(٢) انظر تاريخ ابن الشحنة ص ١٣٢.
(٣) جبل ليلون جبل مطل على حلب بينها وبين أنطاكية. معجم البلدان.
(٤) ذكر أبو شامة في الروضتين ج ١ ص ٢٥١ ـ ٢٥٢ نقلا عن ابن أبي طيء أن هذا الرجل