قوم. (١)
وقال ابن شاذان في الفضائل : خبر عطرفة الجنّيّ : ما رواء زادان عن سلمان، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يوماً جالساً بالأبطح وعنده جماعة من أصحابه وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظر إلى زوبعة، وقد ارتفعت فأثارت الغبار، فما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقفت بحذاء النّبيّ صلىاللهعليهوآله، وفيها شخص فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله، السّلام عليك ورحمة الله وبركاته، إعلم أنّي وافدُ قومي، وقد استجرنا بك، فأجِرنا وابعث معي مِن قِبلك مَن يشرف على قومنا، فإنّ بعضهم قد بغى على بعض ليحكم بيننا وبينهم بحكم الله تعالى وكتابه، وخُذ علَيَّ العهود والمواثيق المؤكّدة لأردّه عليك سالماً في غداةِ غد، إلّا أن يحدث علَيّ حادث من عند الله تعالى.
فقال النّبيّ صلىاللهعليهوآله : من أنت وقومك؟ قال : أنا عطرفة بن شمراخ، أحد بني كاخ، أنا وجماعة من أهلي كنّا نسترق السمع، فلمّا مُنعنا من ذلك آمنّا، ولمّا بعثك الله نبيّاً آمنّا بك وصدّقناك، وقد خالَفَنا بعض القوم، وأقاموا على ما كانوا عليه، فوقع بيننا وبينهم الخلاف، وهم أكثر منّا عدداً وأشدّ قوّة، وقد غلبوا على الماء والمرعى وأضرّوا بنا وبدوابّنا، فابعث إليهم معي من يحكم بيننا بالحقّ.
فقال النّبيّ صلىاللهعليهوآله : إكشف لنا عن وجهك حتّى نراك على هيئتك الّتي أنت عليها، فكشف لنا عن صورته، فنظرنا إلى شيخ عليه شعر كثير، ورأسه طويل، وهو طويل العينين، وعيناه في طول رأسه مغبّر الحدقتين، وله أسنان كأسنان السِّباع.
ثمّ إنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله أخذ عليه العهود والميثاق على أن يردّ عليه من يبعث في
_______________________
١ ـ أسرار الإمامة ٤٢٦، ٤٢٧، وانظر : تفسير مجمع البيان ٥، ٩١، ٣٦٨؛ تفسير الكشّاف ٤ / ٣١١، ٤٤٨؛ تفسير الدرّ المنثور ٣، ٤٦.