(كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ ، إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ، أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ، وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ، وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ، وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ ، إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ، وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ، فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
كان أخاهم من النسب ، وكان تاجرا جميلا ، أشبه الخلق بآدم عليهالسلام ، عاش أربعمائة سنة وأربعا وستين سنة ، وبينه وبين ثمود مائة سنة. وكانت منازل عاد ما بين عمان إلى حضرموت. أمرع البلاد ، فجعلها الله مفاوز ورمالا. أمرهم أولا أمر به نوح قومه ، ثم نعى عليهم من سوء أعمالهم مع كفرهم فقال : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ)؟ قال ابن عباس : هو رأس الزقاق. وقال مجاهد : فج بين جبلين. وقال عطاء : عيون فيها الماء. وقال ابن بحر : جبل. وقيل : الثنية الصغيرة. وقرأ الجمهور : ريع بكسر الراء ، وابن أبي عبلة : بفتحها. قال ابن عباس : (آيَةً) : علما. وقال مجاهد : أبراج الحمام. وقال النقاش وغيره : القصور الطوال. وقيل : بيت عشار. وقيل : ناديا للتصلف. وقيل : أعلاما طوالا ليهتدوا بها في أسفارهم ، عبثوا بها لأنهم كانوا يهتدون بالنجوم. وقيل : علامة يجتمع إليها من يعبث بالمار في الطريق. وفي قوله إنكار للبناء على صورة العبث ، كما يفعل المترفون في الدنيا. والمصانع : جمع مصنعة. قيل : وهي البناء على الماء. وقيل : القصور المشيدة المحكمة. وقيل : الحصون. وقال قتادة : برك الماء. وقيل : بروج الحمام. وقيل : المنازل. واتخذ هنا بمعنى عمل ، أي ويعملون مصانع ، أي تبنون. وقال لبيد :
وتبقى جبال بعدنا ومصانع
(لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) : الظاهر أن لعل على بابها من الرجاء ، وكأنه تعليل للبناء والاتخاذ ، أي الحامل لكم على ذلك هو الرجاء للخلود ولا خلود. وفي قراءة عبد الله : كي تخلدون ، أو يكون المعنى يشبه حالكم حال من يخلد ، فلذلك بنيتم واتخذتم. وقال ابن زيد : معناه الاستفهام على سبيل التوبيخ والهزء بهم ، أي هل أنتم تخلدون : وكون لعل للاستفهام مذهب كوفي. وقال ابن عباس : المعنى كأنكم خالدون ، وفي حرف أبي : كأنكم تخلدون. وقرىء : كأنكم خالدون. وقرأ الجمهور : تخلدون ، مبنيا للفاعل ؛