أنّ المعنى : جعل من أصوافها وأوبارها وأشعارها بيوتا ، فيكون ذلك معطوفا على من جلود الأنعام ، كما تقول : جعلت لك من الماء شرابا ومن اللبن ، وفي التقدير الأول يكون قد عطف مجرورا على مجرور ، ومنصوبا على منصوب كما تقول : ضربت في الدار زيدا وفي القصر عمرا ، ولما لم تكن بلادهم بلاد قطن وكتان وحرير اقتصر على هذه الثلاثة هنا ، واندرجت في قوله سرابيل تقيكم الحر. والمتاع : ما يتمتع به أي : ينتفع به. وقال ابن عباس : الزينة. وقال المفضل : المتجر والمعاش. وقال الخليل : الأثاث والمتاع واحد وجمع بينهما لاختلاف اللفظين كقوله : وألفى قولها كذبا ومينا. وغيا ؛ تعالى ذلك بقوله : إلى حين ، فقال ابن عباس : إلى الموت. وقال مقاتل : إلى بلى ذلك الشيء. وقيل : إلى انقضاء حاجتكم منه. ولما ذكر تعالى ما منّ به عليهم ما سبق ذكره ، وكانت بلادهم غالبا عليها الحر ، ذكر امتنانه عليهم بما يقيهم الحر من خلق الأجرام التي لها ظل كالشجر وغيره مما يمنع من أذى الشمس. وقال ابن عباس ومجاهد : ظلال الغمام. وقال ابن السائب : ظلال البيوت. وقال قتادة ، والزجاج : ظلال الشجر. وقال ابن قتيبة : ظلال الشجر والجبال والأكنان من الجبال هي الغيران ، والكهوف ، والبيوت المنحوتة منها. والسربال ما لبس على البدن من : قميص ، وقرقل ، ومجول ، ودرع ، وجوشن ، ونحو ذلك من صوف وكتان وقطن وغيرها. واقتصر على ذكر الحر إما لأن ما يقي الحر يقي البرد قاله الزجاج ، أو حذف البرد لدلالة ضده عليه قاله المبرد ، أو لأنه أمسّ في تلك البلاد والبرد فيها معدوم في الأكثر. وإذا جاء توقى بالأثاث فيخلص السربال لتوقي الحر فقط ، قاله عطاء الخراساني. وهذا في بلاد الحجاز ، وأما غيرها من بلاد العرب فيوجد فيها البرد الشديد كما قال متمم :
إذا القشع من برد الشتاء تقعقعا
وقال آخر :
في ليلة من جمادى ذات أندية
والسرابيل التي تقي الناس هي الدروع. قال كعب بن زهير :
شم العرانين أبطال لبوسهم |
|
من نسج داود في الهيجا سرابيل |
والسربال عام ، يقع على ما كان من حديد وغيره. والبأس في أصل اللغة الشدة ، وهنا الحرب. وفي الحديث : «كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله صلىاللهعليهوسلم» والمعنى : تقيكم أذى