الوقف. والأحسن من هذه الأقوال أن يكون يتقي مجزوما على لغة ، وإن كانت قليلة ، ولا يرجع إلى قول أبي علي قال : وهذا مما لا يحمل عليه ، لأنه إنما يجيء في الشعر لا في الكلام ، لأن غيره من رؤساء النحويين قد نقلوا أنه لغة.
والمحسنين : عام يندرج فيه من تقدم ، أو وضع موضع الضمير لاشتماله على المتقين والصابرين كأنه قيل : لا يضيع أجرهم. وآثرك : فضلك بالملك ، أو بالصبر ، والعلم قالهما ابن عباس ، أو بالحلم والصفح ذكره أبو سليمان الدمشقي ، أو بحسن الخلق والخلق ، والعلم ، والحلم ، والإحسان ، والملك ، والسلطان ، وبصبرك على أذانا قاله : صاحب الغنيان. أو بالتقوى ، والصبر وسيرة المحسنين قاله : الزمخشري ، وهو مناسب لقوله : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ) (١) الآية وخطابهم إياه بذلك استنزال لإحسانه ، واعتراف بما صدر منهم في حقه. وخاطئين : من خطىء إذا تعمد. وأما أخطأ فقصد الصواب ولم يوفق له. ولا تثريب : لا لوم ولا عقوبة. وتثريب اسم لا ، وعليكم الخبر ، واليوم منصوب بالعامل في الخبر أي : لا تثريب مستقر عليكم اليوم. وقال الزمخشري : (فإن قلت) : بم تعلق اليوم؟ (قلت) : بالتثريب ، أو بالمقدر في عليكم من معنى الاستقرار ، أو بيغفر. والمعنى : لا أثربكم اليوم ، وهذا اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بغيره من الأيام! ثم ابتدأ فقال : يغفر الله لكم ، فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم. يقال : غفر الله لك ، ويغفر الله لك على لفظ الماضي والمضارع جميعا ، ومنه قول المشمت : يهديكم الله ويصلح بالكم. أو اليوم يغفر الله لكم بشارة بعاجل الغفران ، لما تجدد يومئذ من توبتهم وندمهم على خطيئتهم انتهى. أما قوله : إن اليوم يتعلق بالتثريب ، فهذا لا يجوز ، لأنّ التثريب مصدر ، وقد فصل بينه وبين معموله بقوله : وعليكم إما أن يكون خبرا ، أو صفة لتثريب ، ولا يجوز الفصل بينهما ، لأنّ معمول المصدر من تمامه. وأيضا لو كان اليوم متعلقا بتثريب لم يجز بناؤه ، وكان يكون من قبيل المشبه بالمضاف ، وهو الذي يسمى المطول ، ويسمى الممطول ، فكان يكون معربا منونا. وأما تقديره الثاني فتقدير حسن ، ولذلك وقف على قوله اليوم أكثر القراء. وابتدأوا بيغفر الله لكم على جهة الدعاء ، وهو تأويل ابن إسحاق والطبري. وأما تقديره الثالث وهو أن يكون اليوم متعلقا بيغفر فمقول ، وقد وقف بعض القراء على عليكم ، وابتدأ اليوم يغفر الله لكم. قال ابن عطية : والوقف على اليوم أرجح في المعنى ، لأنّ الآخر فيه حكم على مغفرة الله ، اللهم إلا أن يكون ذلك بوحي. وأما قوله :
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٩٠.