والحامي. وقيل : النصيب من الأنعام هو النفقة عليها وفي قوله : (فَقالُوا) تأكيد للفعل الذي هو الجعل بالقول ليتطابق ويتظافر الفعل بالقول ، ثم إنهم أخلفوا ذلك واعترض أثناء الكلام قوله : (بِزَعْمِهِمْ) وجاء أثر قولهم : (هذا لِلَّهِ) لأنه إخبار كذب حيث أخلف ما جعلوه وأكدوه بالقول ولم يأت ذلك إثر قولهم : (وَهذا لِشُرَكائِنا) لتحقيق ما لشركائهم أنه لهم والزعم في أكثر كلام العرب أقرب إلى غير اليقين والحق نبه على أنهم فعلوا ذلك من غير أن يأمرهم الله بذلك ولا أن يشرعه لهم ، وذلك جرى على عادتهم في شرع أحكام لم يأذن فيها ولم يشرعها.
وقرأ الكسائي : (بِزَعْمِهِمْ) فيهما بضم الزاي وهي لغة بني أسد والفتح لغة الحجاز وبه قرأ باقي السبعة وهما مصدران. وقيل : الفتح في المصدر والضم في الاسم. وقرأ ابن أبي عبلة : بفتح الزاي والعين فيهما والسكر لغة لبعض قيس وتميم ، ولم يقرأ به ويتعلق (بِزَعْمِهِمْ) بقالوا. وقيل : بما تعلق به (لِلَّهِ) من الاستقرار وشركاؤهم آلهتهم والشركاء من الشرك والإضافة إضافة تخصيص أي : الشركاء الذين أشركوا بينهم وبين الله في القربة وليس معناه الإضافة إلى فاعل ولا مفعول. وقيل : سموا شركاء لأنهم نزلوها منزلة الشركاء في أموالهم فتكون إضافة إما إلى الفاعل فالتقدير وهذا لأصنامنا التي تشركنا في أموالنا ، وإما إلى المفعول فالتقدير التي شركناها في أموالنا. وقال ابن عطية : سموهم شركاء على معتقدهم فيهم أنهم يساهمونهم في الخير والشر ، ومعنى (فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ) أي لا يقع موقع ما يصرف في وجوه البر من الصدقة على المساكين وزوّار بيت الله ونحوها ، ولو فعلوا ذلك لم ينفع لأنهم أشركوا أو لا يصل البتة إلى تلك الوجوه المقصود بها التقرب إلى الله. وقال الحسن : كانوا إذا هلك الذي لأوثانهم أخذوا بدله مما لله ولا يفعلون مثل ذلك لله. وقيل : كانوا يصرفون مما جعلوه لله إلى سدنة الأصنام ولا يتصدّقون بشيء مما جعلوه للأوثان ، ومعنى (فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ) بإنفاق عليها بذبح نسائك عندها والآخر للنفقة على سدنتها. وقال ابن عطية : جمهور المتأوّلين أن المراد بقوله : (فَلا يَصِلُ) وقوله : (يَصِلُ) ما قدمنا ذكره من حمايتهم نصيب آلهتهم في هبوب الريح وغير ذلك. وقال ابن زيد : إنما ذلك في أنهم كانوا إذا ذبحوا لله وذكروا آلهتهم على ذلك الذبح ، وإذا ذبحوا لآلهتهم لم يذكروا الله قال : (فَلا يَصِلُ) إلى ذكر وقال : (فَهُوَ يَصِلُ) إلى ذكر الله ؛ انتهى. وظاهر الآية يدل على أن ما جعلوه نصيبا لشركائهم فلا يصرف منه شيء في وجوه البر الذي يقتضيها وجهه ، وما جعلوه نصيبا لله أنفق في مصاريف آلهتهم (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) هذا ذمّ بالغ عام لأحكامهم فيندرج فيه حكمهم هذا السابق وغيره.