البعير ، وهو كساء يدار على سنامه ليركب عليه ، وسمي كفلا لأنه لم يعم الظهر ، بل نصيبا منه.
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) أي : مقتدرا قاله السدّي وابن زيد والكسائي. وقال ابن عباس ومجاهد : حفيظا وشهيدا. وقال عبد الله بن كثير : واصبا قيما بالأمور. وقيل : المحيط. وقيل : الحسيب. وقيل : المجازى. وقيل : المواظب للشيء الدائم عليه. قال ابن كثير : وهو قول ابن عباس أيضا. وهذه أقوال متقاربة لاستلزام بعضها معنى بعض. وقال الطبري في قوله : إني على الحساب مقيت ، إنه من غير هذه المعاني المتقدّمة ، وإنه بمعنى موقوت. وهذا يضعفه أن يكون بناء اسم الفاعل بمعنى بناء اسم المفعول. وقال غيره : معناه مقتدر.
(وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) الظاهر أن التحية هنا السلام ، وأنّ المسلم عليه مخير بين أن يرد أحسن منها ، أو أن يردها يعني مثلها. فأوهنا للتخيير. وقال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، وابن زيد : بأحسن منها إذا كان مسلما ، أو ردوها إذا كان يسلم عليك كافر فاردد ، وإن كان مجوسيا فتكون أو هنا للتنويع. والذي يظهر أنّ الكافر لا يرد عليه مثل تحيته ، لأن المشروع في الرد عليهم أن يقال لهم : وعليكم ، ولا يزادوا على ذلك ، فيكون قوله : وإذا حييتم معناه : وإذا حياكم المسلمون ، وإلى هذا ذهب. عطاء. وعن الحسن : ويجوز أن يقال للكافر : وعليك السلام ، ولا يقل : ورحمة الله ، فإنها استغفار. وعن الشعبي أنه قال لنصراني سلم عليه : وعليك السلام ورحمة الله فقيل له ، فقال : أليس في رحمة الله يعيش؟ وكأن من قال بهذا أخذ بعموم وإذا حييتم ، لكن ذلك مخالف للنص النبوي من قوله : «فقولوا وعليكم» وكيفية رد الأحسن أنه إذا قال : سلام عليك ، فيقول : عليك السلام ورحمة الله. فإذا قال : سلام عليك ورحمة الله قال : عليك السلام ورحمة الله وبركاته. فإذا قال المسلم هذا بكماله رد عليه مثله. وروي عن عمر ، وابن عباس ، وغيرهما : أن غاية السلام إلى البركة.
وفي الآية دليل على أنّ الرد واجب لأجل الأمر ، ولا يدل على وجوب البداءة ، بل هي سنة مؤكدة ، هذا مذهب أكثر العلماء. والجمهور على أن لا يبدأ أهل الكتاب بالسلام ، وشذ قوم فأباحوا ذلك. وقد طول الزمخشري وغيره بذكر فروع كثيرة في السلام ، وموضوعها علم الفقه. وذهب مجاهد : إلى تخصيص هذه التحية بالجهاد ، فقال : إذا حييتم في سفركم بتحية الإسلام (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) (١) فإن أحكام الإسلام تجري عليهم. وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك : أن هذه الآية في
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٩٤.