والرأي مصدر : رأى ، يقال : رأى رأيا ورؤية ورؤيا ، ويغلب رؤيا في المنام ورؤية في البصرية يقظة ، ورأيا في الاعتقاد ، يقال : هذا رأي فلان ، قال :
رأى الناس إلا من رأى مثل رأيه |
|
خوارج تراكين قصد المخارج |
ومعنى : مثليهم ، قدرهم مرتين. وزعم الفراء أن معنى : يرونهم مثليهم ، ثلاثة أمثالهم كقول القائل : عندي ألف وأنا محتاج إلى مثليها. وغلطه الزجاج. وقال : إنما مثل الشيء مساو له. ومثلاه مساويه مرتين.
وقال ابن كيسان : أوقع الفراء في هذا التأويل أن المشركين كانوا ثلاثة أمثال المسلمين يوم بدر ، فتوهم أنه لا يجوز أن يكونوا يرونهم إلّا على عدتهم ، وهذا بعيد ، وليس المعنى عليه ، وإنما المعنى أراهم الله على غير عدتهم بجهتين : إحداهما : أنه رأى الصلاح في ذلك ، لأن المؤمنين يقوي قلوبهم بذلك. والأخرى : أنه آية النبي صلىاللهعليهوسلم. انتهى كلام ابن كيسان.
وتظاهرت الروايات أن جميع الكفار ببدر كانوا نحو الألف أو تسعمائة ، والمؤمنين ثلاثمائة وأربعة عشر. وقيل : وثلاثة عشرة ، لكن رجع بنو زهرة مع الأخنس بن شريق ، ورجع طالب بن أبي طالب وأتباع ، وناس كثير حتى بقي للقتال من يقرب من الثلثين ، فذكر الله المثلين ، إذ أمرهما متيقن لم يدفعه أحد. وحكي عن ابن عباس : أن المشركين كانوا في قتال بدر ستمائة وستة وعشرين ، وقد ذهب الزجاج وغيره إلى أنهم كانوا نحو الألف.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يوم بدر القوم ألف». وقال ابن عباس : نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا ، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا. وقال في رواية : لقد قللوا في أعيننا حتى لقد قلت لرجل إلى جانبي تراهم سبعين؟ قال : أراهم مائة. فأسرنا منهم رجلا فقلنا : كم كنتم؟ قال : ألفا. ونقل أن المشركين لما أسروا ، قالوا للمسلمين : كم كنتم؟ قالوا : كنا ثلاثمائة وثلاثة عشرة ، قالوا : ما كنا نراكم إلّا تضعفون علينا! وتكثير كل طائفة في عين الأخرى ، وتقليلها بالنسبة إلى وقتين جائز ، فلا يمتنع.
(وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ) أي : يقويه بعونه. وقيل : النصر الحجة. ونسبة التأييد إليه يدل على أن المؤيد هم المؤمنون ، ومفعول : من يشاء ، محذوف أي : من يشاء نصره.