وغيره بتعليل هذه التصرفات في كأين ، وبما عمل في كأين ، وبما عمل في كأين ، فلذلك أضربنا عن ذكره صفحا.
وقرأ الحرميان وأبو عمرو قتل مبنيا للمفعول ، وقتادة كذلك ، إلا أنه شدّد التاء ، وباقي السبعة قاتل بألف فعلا ماضيا. وعلى كل من هذه القراءات يصلح أن يسند الفعل إلى الضمير ، فيكون صاحب الضمير هو الذي قتل أو قتل على معنى التكثير بالنسبة لكثرة الأشخاص ، لا بالنسبة لفرد فرد. إذ القتل لا يتكثر في كل فرد فرد. أو هو قاتل ويكون قوله : معه ربيون محتملا أن تكون جملة في موضع الحال ، فيرتفع ربيون بالابتداء ، والظرف قبله خبره ، ولم يحتج إلى الواو لأجل الضمير في معه العائد على ذي الحال ، ومحتملا أن يرتفع ربيون على الفاعلية بالظرف ، ويكون الظرف هو الواقع حالا التقدير : كائنا معه ربيون ، وهذا هو الأحسن. لأن وقوع الحال مفردا أحسن من وقوعه جملة. وقد اعتمد الظرف لكونه وقع حالا فيعمل وهي حال محكية ، فلذلك ارتفع ربيون بالظرف. وإن كان العامل ماضيا لأنه حكى الحال كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ) (١) وذلك على مذهب البصريين. وأما الكسائي وهشام فإنه يجوز عندهما إعمال اسم الفاعل الماضي غير المعروف بالألف واللام من غير تأويل ، بكونه حكاية حال ، ويصلح أن يسند الفعل إلى ربيون فلا يكون فيه ضمير ، ويكون الربيون هم الذين قتلوا أو قتلوا أو قاتلوا ، وموضع كأين رفع على الابتداء. والظاهر أن خبره بالجملة من قوله : قتل أو قتل أو قاتل ، سواء أرفع الفعل الضمير ، أم الربيين. وجوزوا أن يكون قتل إذا رفع الضمير في موضع الصفة ومعه ربيون في موضع الخبر كما تقول : كم من رجل صالح معه مال. أو في موضع الصفة فيكون قد وصف بكونه مقتولا ، أو مقتلا ، أو مقاتلا ، وبكونه معه ربيون كثير. ويكون خبر كأين قد حذف تقديره : في الدنيا أو مضى. وهذا ضعيف ، لأن الكلام مستقل بنفسه لا يحتاج إلى تكلف إضمار. وأما إذا رفع الظاهر فجوزوا أن تكون الجملة الفعلية من قتل ومتعلقاتها في موضع الصفة لنبي ، والخبر محذوف. وهذا كما قلنا ضعيف. ولما ذكروا أن أصل كأين هو أي دخلت عليها كاف التشبيه فجرتها ، فهي عاملة فيها ، كما دخلت على ذا في قولهم : له عندي كذا. وكما دخلت على أنّ في قولهم : كأن ادعى أكثرهم إن كأن ، بقيت فيها الكاف على معنى التشبيه. وإن كذا ، وكأن ، زال عنهما معنى التشبيه. فعلى هذا
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ١٨.