مؤوّل ، أو يحتمل من غير رجحان ، فمشترك بالنسبة إليهما ، ومجمل بالنسبة إلى كل واحد منهما. والقدر المشترك بين النص والظاهر هو المحكم ، والمشترك بين المجمل والمؤوّل هو المتشابه ، لأن عدم الفهم حاصل في القسمين.
قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وقتادة ، والربيع ، والضحاك : المحكم الناسخ ، والمتشابه المنسوخ. وقال مجاهد ، وعكرمة : المحكم : ما بيّن تعالى حلاله وحرمه فلم تشتبه معانيه ، والمتشابه : ما اشتبهت معانيه. وقال جعفر بن محمد ، ومحمد بن جعفر بن الزبير ، والشافعي : المحكم ما لا يحتمل إلّا وجها واحدا ، والمتشابه ما احتمل من التأويل أوجها. وقال ابن زيد : المحكم : ما لم تتكرر ألفاظه ، والمتشابه : ما تكررت. وقال جابر بن عبد الله ، وابن دئاب ، وهو مقتضى قول الشعبي والثوري وغيرهما : المحكم ما فهم العلماء تفسيره ، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه : كقيام الساعة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج عيسى.
وقال أبو عثمان : المحكم ، الفاتحة. وقال محمد بن الفضل : سورة الإخلاص ، لأن ليس فيها إلّا التوحيد فقط. وقال محمد بن إسحاق : المحكمات ما ليس لها تصريف ولا تحريف. وقال مقاتل : المحكمات خمسمائة آية ، لأنها تبسط معانيها ، فكانت أمّ فروع قيست عليها وتولدت منها ، كالأم يحدث منها الولد ، ولذلك سماها : أم الكتاب ، والمتشابه : القصص والأمثال.
وقال يحيى بن يعمر : المحكم الفرائض ، والوعد والوعيد ؛ والمتشابه : القصص والأمثال. وقيل : المحكم ما قام بنفسه ولم يحتج إلى استدلال. والمتشابه ما كان معاني أحكامه غير معقولة ، كأعداد الصلوات ، واختصاص الصوم بشهر رمضان دون شعبان. وقيل : المحكم ما تقرر من القصص بلفظ واحد ، والمتشابه ما اختلف لفظه ، كقوله : (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) (١) (فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) (٢) و (قُلْنَا احْمِلْ) (٣) و (فَاسْلُكْ) (٤).
وقال أبو فاختة : المحكمات فواتح السور المستخرج منها السور : كألم والمر. وقيل : المتشابه فواتح السور ، بعكس الأول. وقيل : المحكمات : التي في سورة الأنعام إلى آخر الآيات الثلاث ، والمتشابهات : آلم والمر ، وما اشتبه على اليهود من هذه
__________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ٢٠.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٠٧ والشعراء : ٢٦ / ٣٢.
(٣) سورة هود : ١١ / ٤٠.
(٤) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢٧.