والمشعر مفعل من شعر ، أي : المعلم. والحرام لأنه ممنوع أن يفعل فيه ما نهي عنه من محظورات الإحرام. وهذا المشعر يسمى : جمعا ، وهو ما بين جبلي المزدلفة من حد مفضى عرفة إلى بطن محسر ، قاله ابن عباس ، وابن عمر ، وابن جبير ، ومجاهد ؛ وتسمي العرب وادي محسر : وادي النار ، وليس المأزمان ولا وادي محسر من المشعر الحرام ، والمأزم. المضيق ، وهو مضيق واحد بين جبلين ، ثنوه لمكان الجبلين. وقيل : المشعر الحرام هو قزح ، وهو الجبل الذي يقف عليه الإمام ، وعليه الميقدة. قيل : وهو الصحيح لحديث جابر : أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، لما صلى الفجر ، يعني بالمزدلفة ، بغلس ركب ناقته حتى أتى المشعر الحرام ، فدعا وكبر وهلل ، ولم يزل واقفا حتى أسفر ، فعلى هذا لم تتعرض الآية المذكور للذكر بالمزدلفة ، لا على أنه الدعاء ولا الصلاة بها ، وإنما هذا أمر بالذكر عند هذا الجبل ، وهو قزح الذي ركب إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فدعا عنده وكبر وهلل ، ووقف بعد صلاته الصبح بالمزدلفة بغلس حتى أسفر ، ويكون ثم جملة محذوفة التقدير : فإذا أفضتم من عرفات ، ونمتم بالمزدلفة ، فاذكروا الله عند المشعر الحرام. ومعنى العندية هنا القرب منه ، وكونه يليه.
ومزدلفة كلها موقف ، إلّا وادي محسر ، وجعلت كلها موقفا لكونها في حكم المشعر ، ومتصلة به ، وقيل : سميت المزدلفة وما تضمنه الحد الذي ذكر مشعرا ، ووحد لاستوائه في الحكم ، فكان كالمكان الواحد.
وقال في (المنتخب) : هذا الأمر يدل على أن الحصول عند المشعر الحرام واجب ، ويكفي فيه المرور كما في عرفة ، فأما الوقوف هناك فمسنون. انتهى كلامه.
وكون الوقوف مسنونا هو قول جمهور العلماء ، وقال أبو حنيفة : هو واجب ، فمن تركه من غير عذر فعليه دم ، فإن كان له عذر أو خاف الزحام فلا بأس أن يعجل بليل. ولا شيء عليه.
وقال ابن الزبير ، والحسن ، وعلقمة ، والشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي : الوقوف بمزدلفة فرض ، ومن فاته فقد فاته الحج ، ويجعل إحرامه عمرة.
والآية لا تدل إلّا على مطلوبية الذكر عند المشعر الحرام ، لا على الوقوف ، ولا على المبيت بمزدلفة ، وأجمعوا على أن المبيت ليس بركن. وقال مالك : من لم يبت بها فعليه دم ، وإن أقام بها أكثر ليلة فلا شيء عليه ، لأن المبيت بها سنة مؤكدة ، عند مالك. وهو