فإن جمع بينهما في أشهر الحج فعليه دم وهو متمتع ، وإن لم يجمعهما في أشهر الحج فلا دم عليه ، فإن كان المحصر بمرض أو عدوّ ، محرما بحج تطوّع ، أو بعمرة تطوّع ، وحل بالهدي فعليه القضاء عند أبي حنيفة ، وقال مالك ، والشافعي : لا قضاء على من أحصر بعدوّ لا في حج ولا في عمرة.
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) سبب النزول حديث كعب بن عجزة المشهور ، وهو أنه صلىاللهعليهوسلم ، رآه والقمل يتناثر من رأسه ، وقيل : رآه وقد قرح رأسه ، ولما تقدّم النهي عن الحلق إلى الغاية التي هي بلوغ الهدي كان ذلك النهي شاملا ، فخص بمن ليس مريضا ولا به أذى من رأسه ، أما هذان فأبيح لهما الحلق ، وثم محذوف يصح به الكلام ، التقدير : فمن كان منكم مريضا ففعل ما بينا في المحرم من حلق أو غيره ، أو به أذى من رأسه فحلق ، وظاهر النهي العموم.
وقال بعض أهل العلم : هو مختص بالمحصر ، لأن جواز الحلق قبل بلوغ الهدي محله لا يجوز ، فربما لحقه مرض أو أذى في رأسه إن صبر ، فأذن له في زوال ذلك بشرط الفدية ، وأكثر العلماء على أنه على العموم ، ويدل عليه قصة ابن عجرة.
ومنكم ، متعلق بمحذوف وهو في موضع الحال ، لأنه قبل تقدّمه كان صفة : لمريضا ، فلما تقدّم انتصب على الحال. ومن ، هنا للتبعيض. وأجاز أبو البقاء أن يكون متعلقا : بمريضا ، وهو لا يكاد يعقل ، و : أو به أذى من رأسه ، يجوز أن يكون من باب عطف المفردات ، فيكون معطوفا على قوله : مريضا ، ويرتفع : أذى ، على الفاعلية بالمجرور الذي هو به ، التقدير : أو كائنا به أذى من رأسه ، ومن باب عطف الجملة على المفرد لكون تلك الجملة في موضع المفرد ، فتكون تلك الجملة معطوفة على قوله : مريضا ، وهي في موضع مفرد ، لأن المعطوف على المفرد مفرد ، في التقدير : إذا كان جملة ، ويرتفع ، أذى ، إذ ذاك على الابتداء به في موضع الخبر ، فهو : في موضع رفع ، وعلى الإعراب السابق في موضع نصب ، وأجازوا أن يكون معطوفا على إضمار : كان ، لدلالة : كان ، الأولى ، عليها. التقدير : أو كان به أذى من رأسه ، فاسم كان على هذا إمّا ضمير يعود على : من ؛ وبه أذى ، مبتدأ وخبر في موضع خبر كان ، وإما : أذى وبه ، في موضع خبر كان ، وأجاز أبو البقاء أن يكون ، أو به أذى من رأسه ، معطوفا على كان ، وأذى ، رفع بالابتداء ، وبه ، الخبر متعلق بالاستقرار ، والهاء في : به ، عائدة على : من ، وكان قد قدم أبو البقاء أن : من ، شرطية ،