ويتهافت الناس على هذه السلعة ، لذلك يقايضون بها على أى سلعة أخرى تقريبا. ومناسج القطن بسنار والباقيرمى (غربى دارفور) تزود أكثر بلاد إفريقية الشمالية الشرقية بالقماش.
وثانى السلع فى تجارة سنار هو الذهب ، ويبتاعه تجار سنار من التجار الأحباش ، ولكنى لم أتحقق بالضبط من موطنه فى غرب الحبشة. ويلوح أن أهم أسواقه هى راس الفيل ، وهى محط على طريق القوافل من سنار إلى غندار ، وتبعد عن سنار مسيرة أربعة أيام. ويتردد التجار السناريون اليوم كثيرا على هذا الطريق ، كذلك تسلكه جماعة التجار الأحباش (واسمهم الجبرت) ويبدو أنهم أهم من يتجر من الأحباش فى العبيد والذهب. ولم ينبئنى أحد بنبأ تاجر مصرى واحد مضى فى رحلته قدما حتى بلغ رس الفيل ، ذلك أنه وإن كانت الطريق غير محفوفة بالخطر ، إلا أن الناس فى هذه البلاد يخشون الخروج فى رحلات نائية ما لم يكونوا فى صحبة لفيف كبير من مواطنيهم. فالغيرة شديدة والتحاسد عظيم بين طوائف التجار ، وما اشتهروا به من غدر وخيانة يمنع المغامرين من التجار أن يطمئنوا ـ وهم فرادى ـ لحسن نواياهم.
ويلم الجبرت بسنار طلبا للعبيد السود على الأخص ، وعندى من الأسباب ما يحملنى على الظن بأن من السهل على المرء فى وقت السلم أن يسافر فى الطريق من سنار إلى غندار مارا براس الفيل ، ومن غندار إلى الساحل دون أن يتعرض للخطر. ويشترى التجار السواكنيون على الأخص ما يجلب من سنار من ذهب ، ويحملونه إلى جدة حيث يؤدى ثمنا للبضائع الهندية ، وقل أن يشتريه التجار المصريون لقلة ما يغله من ربح. وتساوى أوقية الذهب الخالص فى سنار اثنى عشر ريالا ، وفى شندى ستة عشر ، وفى سواكن عشرين ، وفى جدة اثنين وعشرين. وفى وسع تجار سواكن أن يشتروا من شندى سلعا أربح لهم من الذهب ، ولكنهم يؤثرونه عليها لسهولة نقله وإخفائه تهربا من المكوس التى تجبى فى الطريق.
كذلك يجلب تجار سنار العبيد إلى شندى ، ولم يبق أمامهم سوى هذا الطريق