بجانبي دائما ،
ويبدو «تاجو» بساقيه الطويلتين التي يرتكز عليهما كأنه يريد أن يتحدى التعب ، وكان
شخصا مرحا ومنطلقا. ولا تبدو الرابطة الجلدية التي حزم بها شعره الكثيف كافية من
أن يترامى الشعر على وجهه وكتفيه ، ومع أنه لم يكن معتنيا بنفسه بما فيه الكفاية
إلا أنه أصبح خير مساعد لي ، وقام أيضا بتعلم الطبخ بعد جهد ومشقة ، وهو يمتلك
ثلاثة جمال ويشترك في عدة جمال أخرى غيرها ، ويصحبنا في هذه الرحلة بناقته
المدلّلة الأنيقة «دارجي» التي يشاركه ركوبها الطباخ والكلب «توبي» ، بالإضافة إلى
أجزاء من الخيمة التي بالكاد تستطيع حملها.
و «تاجو» يتاجر في
الحمير أيضا ؛ حيث يستوردها ويصدّرها من وإلى (عمان) ، وبدا سعيدا لأنه أصبح قادرا
على التفاهم مع «صالح» بنفس اللغة التي يفهمها.
وبينما كنت أسترخى
على سريري في الظهيرة والجمّالة يتحدثون بالخارج ، سمعت صوتا غريبا ، ولما ألقيت
نظرة من جانب باب الخيمة رأيت أحد رجالي يلقي السلام على بلوشي عابر ومدجج بالسلاح
حتى أسنانه ، وبجانبه جمله الذي يقبض بزمامه عبد صغير يتبعه ، ويحمل بيده سيف طويل
وآلة موسيقية تسمّى (البانجو).
إن طريقة وإسلوب
التحية والسلام عند البلوشي تدعو للضحك والاستغراب ؛ لأنها تستغرق خمس دقائق ؛ حيث
يقومون بتقبيل الأيدي بوقار ، وعند مرور كبار القوم من قبائل البلوش ، على أتباعهم
ورعاياهم ، يقوم هؤلاء بتقبيل أياديهم تعبيرا عن ولائهم وإخلاصهم لهم ، ويردون
عليهم بسحب أياديهم والاكتفاء بالقبلات التقليدية على الوجه. وليس من اللائق
وإهانة لكرامة الرجل أن يسأل أحدهما عن صحة الآخر أقل مما يسأله الآخر عن صحته
وأحواله ، وهذه الطريقة الشائعة كان يتبعها رجالي عند لقائهم أبناء بلدهم ؛ لذلك
أصبحت فزعا جدا عند لقاء غرباء في