أنبأنا أبو القاسم الميهني ، أنبأنا أبو شجاع ، أنبأنا أبو الحسن الصّوفي ، أنبأنا علي الديلمي ، قال : وسمعت عبد الرّحيم يقول : سمعت الشيخ يقول : سألت الله أن ألقاه ، ولا يكون لي شيء ، ولا لأحد عليّ شيء ، ولا يكون على بدني (١) من اللحم شيء ، فمات ـ رحمهالله ـ وهو كذلك.
قال عبد الرحيم : توفي الشيخ وله سبعة عشر يوما لم يأكل شيئا ، وكنا نشم من فمه رائحة المسك ، وروائح الطيب شيئا ما شممت مثله قط ، قال : فتأملت حو الينا وقلت : لعل بخورا قد ترك بقربه ، فما رأيت شيئا ، فقدمت وجهي إلى وجهه وفمه فشممت من فيه تلك الرائحة (٢) فقلت لأصحابنا : قدّموا وجوهكم وشمّوا فمه ، فشمّوا فمه فوجدوه كما وجدت ، وكانت الجماعة الحاضرة : أبو (٣) الطيّب محمّد بن الحسن القزويني ، وأبو أحمد الكبير ، وأبو أحمد الصغير ، والحسن بن إسحاق الصوّاف (٤) ، وأميروية ، وأبو سعيد ، فكل هؤلاء شهدوا أنه كان كما قال أبو الفتح عبد الرحيم ، وقال أبو سعيد : وحلف بالله : أنه كان به صداع شديد فلما شممت تلك الرائحة سكن الوجع من ساعته ، وقال عبد الرحيم : لما قرب خروج روحه كان له سنة وأربعة أشهر لم يتحرك ، فمدّ رجله وتمدّد هو من تلقاء نفسه ، وبعد ساعات مات رحمهالله (٥).
قال : وسمعت أميروية يقول : عددت عليه تلك الليلة مرارا كثيرة ، كلما اشتغلنا بالحديث ، وغفلنا كان يقول : لا إله إلّا الله ، فكان يذكر (٦) بالله وهو في النزع ، فلما مات حمل على المغتسل وحضر غسله أبو أحمد الكبير ، وأبو أحمد الصغير ، وأبو الطيّب القزويني ، وأبو الفتح ، وأبو علي الحسن ، وأبو مكتوم ، وأميروية ، وغسّل وكفّن ، قال : فلما أصبحنا حضر أبو العبّاس أحمد بن منصور فتقدّم وصلّى عليه في حجرته ، وصلينا عليه معه ، وكان قد أوصى أن يصلي عليه هبة الله أبو بكر العلّاف ، فإن لم يحضر فأبو علي الحلبي الفقيه الشافعي ، فإن لم يحضر فأبو علي إمام الجامع وخطيبه ، قال : فلما تعالى النهار حمل على السرير وضبب السرير بضبات حديد ، وجلس على السرير الحسن بن بندوية رئيس القصابين
__________________
(١) بالأصل و «ز» : «يدي» والمثبت عن طبقات الأولياء.
(٢) كذا بالأصل وفي «ز» : الروائح.
(٣) بالأصل : «أبا الطيب» والمثبت عن «ز».
(٤) في «ز» : الصوفي.
(٥) في «ز» : وبعد ساعات رحمهالله خرجت روحه.
(٦) في «ز» : يذكرنا بالله.