قائمة الکتاب
فصل في ذكر مواقعهم ومسارحهم
٣٦٤
إعدادات
كتاب الأزمنة والأمكنة
كتاب الأزمنة والأمكنة
المؤلف :الشيخ أبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الاصفهاني
الموضوع :التاريخ والجغرافيا
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :566
تحمیل
إلى ما أخبر به ابنه الأول ، فلما أصبح تحمّل جهة ما أخبر به الأخير ابنه ، ففزع بنوه وقالوا : اهتزّ الشّيخ فقالوا : تذهب إلى أرض بها النّاس وتدع أرضا قفرا لا يرعاها أحد معك؟ قال : إنّ تلك طغوة لا وأخيك وقد وجد أخوكم هذا الأخير حياء العام وعام مقبل ما يبقى من هذا العام ، قال : فمضى واتّبعوه قوله : يشبع منه النّاب وهي تعدو ، ويعني لطوله واتّصاله لا تحتاج أن تقف عليه ولا أن تتبعه. قال : وقال رائد مرة ، تركت الأرض مخضرة كأنها حولاء بها بصيصة رقطا ، وعرفجة خاصبة ، وعوسج كأنه النّعام من سواد ، وهذا كما قال الآخر : وجدت جرادا كأنه نعامة باركة ، يريد كثرة العشب وسواده وشدّة الخضرة سواده ، قال : وسأل أبو زياد الكلابي صقيلا العقيلي حين قدم من البادية عن طريقه ، فقال : انصرفت من الحج فأصعدت إلى الرّبذة في مقاط الحرة ، فوجدت بها صلالا من الرّبع من خضمة وصليان وقرمل حتى لو شئت لأنخت الإبل في أزراء القفعاء ، فلم أزل في مرعى لا أحسّ منه شيئا حتى بلغت أهلي. الصّلال : أمطار متفرقة. والقفعاء نبت من الذّكور يقول : أخصبت حتى صارت تستر البعير البارك.
وقال آخر : رأيت ببطن فلج منظرا من الكلأ لا أنساه ، وجدت الصّفراء والخزامى يضربان نحر الإبل ، وتحتها قفعاء ، وحريث قد أطاع وأمسك بأفواه الإبل أغناها عن كل شيء وإذا نقع الجوذان في الاجارع فذلك غاية ريّ الأرض لأنّ الأجارع أشرب للماء ، وإذا نقع الماء في الأجارع غرقت الأجالد ، وقال ابن كناسة : بعث قوم رائدا فقيل : ما وراءك؟ فقال : عشب وتعاشيب وكماة متفرقة شيب تندسها بأخفافها النّيب ، فقيل : هذا كذب. فأرسلوا آخر ، فقالوا : ما وراءك؟ فقال : عشب ثأد ماد ، مولى عهد ، متدارك جعد ، كأفخاذ نساء بني سعد ، تشبع منها النّاب وهي تعدو. وقد مضى تفسير ما فيه من الغريب.
وبعث رجل بنين له يرتادون في خصب فقال أحدهم : رأيت ماء غللا يسيل سيلا ، وخوصه يميل ميلا ، يحسبها الرّائد ليلا. وقال الثّاني : وجدت ديمة على ديمة في عهاد غير قديمة ، يشبع منها النّاب قبل العظيمة. الغلل : الماء يجري في أصول الشّجر. وقال بعضهم : إذا أحيي النّاس قيل : قد أكلأت الأرض ، واجرنفشت العنز لأختها ، ولحس الكلب الوضر اجرنفاشها ، ازبئرارها ، وزفيانها في أحد شقّيها لتنطح صاحبتها ، وإنّما ذلك من الأشر حين سمنت فأخضبت. ولحسس الكلب : يعني أنّه يجد وضرا ويلحسه ، وإذا كانوا مجدبين لم يتركوا للكلب شيئا. وقيل لرجل منهم : ما أخصب ما رأيت البادية؟ قال : رأيت الكلب يمرّ بالخصفة عليها الخلاصة فيشمّها ويتركها. وقال أعرابي : وقد قيل له : ما تركت وراءك؟ قال : خلّفت الضّأن تظالم معزاها ، يعني أنّها لنشاطها تنطح بعضها بعضا.
وقال أبو زياد : بعث قوم رائدا لهم ، فلمّا رجع إليهم قالوا له : ما وراءك؟ قال : رأيت