العلماء في كلّ عصر عليه ، ولم يختلف في ذلك اثنان. قال الشّافعيّ ، وعبد الرّحمن بن مّهدي (١) : ما في الأرض كتاب بعد كتاب الله أنفع ، وفي رواية أصحّ ، وفي رواية أكثر صوابا ، من «موطّأ» مالك. (٢) وقال يونس بن عبد الأعلى (٣) : ما رأيت كتابا ألّف في العلم أكثر صوابا من «موطّأ» مالك.
وأما الطرق والروايات التي وقعت في هذا الكتاب ، فإنّه كتبه عن مالك جماعة نسب الموطأ إليهم بتلك الرواية ، وقيل موطأ فلان لراويه عنه (٤) فمنها موطأ الإمام محمد بن إدريس الشافعي ، (٥) ومنها موطأ عبد الله بن وهب ، ومنها موطأ عبد
__________________
(١) أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري البصري المتوفى سنة ١٩٨. «تهذيب التهذيب» ٦ / ٢٨١ ، «المعارف» ص ٢٢٤.
(٢) بعد أن ألف البخاري ، ومسلم صحيحيهما ، لم تبق للموطأ هذه المكانة ، ومن هنا أوّلوا قول الشافعي هذا بأنه كان قبل وجود الصحيحين. وانظر مقدمة ابن الصلاح ص ١٤ ، تدريب الراوي ص ٢٥ ، مقدمة شرح الزرقاني على الموطأ ١ / ٩ ، مقدمة موطأ محمد بن الحي للكنوي ص ١٦ طبع الهندسة ١٣٠٦.
(٣) أبو موسى يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة المحدث المقرئ المصري (١٧٠ ـ ٢٦٤).
تهذيب التهذيب ١١ / ٤٤٠ ، طبقات القراء ٢ / ٤٠٦.
(٤) في «ترتيب المدارك» ١ / ٣٤ ظ (نسخة خاصة) ، وشرح الزرقاني على الموطأ ١ / ٦ ـ كلمة جامعة عن الذين رووا الموطأ عن مالك. وفي مقدمة عبد الحي اللكنوي لموطأ محمد بن الحسن : أن أحد علماء «دهلي» ، أورد في كتاب له بالفارسية سماه «بستان المحدثين» القول المستفيض عن الموطأ ، ومؤلفه ، ونسخه ؛ ويتبين من الخلاصة التي عربها عن الفارسية عبد الحي اللكنوي أن صاحب «البستان» كاد أن يستقصي الموضوع.
(٥) قال أحمد بن حنبل : كنت سمعت الموطأ من بضعة عشر رجلا من حفاظ أصحاب مالك ، فأعدته على الشافعي لأنه أقومهم. زرقاني ١ / ٧.