الداعي إلى الله بطول بقائه في عصمة منسدلة الأستار ، وعزّة ثابتة المركز مستقيمة المدار ، وأن يختم له بعد بلوغ غايات الحال ، ونهاية الأعمال ، بالزّلفى وعقبى الدار.
(عبد الله الغنيّ بالله أمير المسلمين ، محمد بن مولانا أمير المسلمين ، أبي الوليد إسماعيل بن فرج بن نصر). (١)
سلام كريم كما حملت أحاديث الأزهار نسمات الأسحار ، وروت ثغور الأقاحي والبهار ، عن مسلسلات الأنهار ، وتجلّى على منصّة الاشتهار ، وجه عروس النهار ، يخصّ خلافتكم الكريمة النّجار ، العزيزة الجار ، ورحمة الله وبركاته.
أما بعد حمد الله الذي أخفى حكمته البالغة عن أذهان البشر ، فعجزت عن قياسها ، وجعل الأرواح «أجنادا مجنّدة» ـ كما ورد في الخبر (٢) ـ تحن إلى أجناسها ، منجد هذه الملّة من أوليائه الجلّة بمن يروض الآمال بعد شماسها ، (٣) وييسّر الأغراض قبل التماسها ، ويعنى بتجديد المودّات في ذاته وابتغاء مرضاته على حين أخلاق لباسها ، الملك الحقّ ، واصل الأسباب (بحوله) بعد انتكاث أمراسها ، (٤) ومغني النفوس بطوله ، بعد إفلاسها حمدا يدرّ أخلاف (٥) النّعم بعد إبساسها ، (٦) وينشر رمم الآمال من أرماسها ، (٧) ويقدّس النفوس بصفات ملائكة السموات بعد إبلاسها. (٨)
__________________
(١) الزيادة عن نثير الجمان ؛ وهي ضرورية.
(٢) يشير إلى الحديث : «الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف» الذي أخرجه مسلم في «الأدب» من صحيحه. وانظر المقاصد الحسنة للسخاوي ص ٢٣ / ٢٤.
(٣) شمست الدابة شماسا : شردت وجمحت.
(٤) جمع مرس ؛ وهو الحبل. وانتكث الحبل : انتقض بعد أن كان مبرما.
(٥) الأخلاف ، جمع خلف (بالكسر) ؛ وهو الضرع.
(٦) أبس بالناقة : دعا ولدها لتدر على حالبها.
(٧) جمع رمس ؛ وهو القبر.
(٨) الإبلاس : القنوط ، وقطع الرجاء.